مناسك الحج والعمرة
مقطع فيديو يشرح جيدا مناسك الحج والعمرة تشغيـــــل
Original Video- More videos at TinyPic
إنتاج مكتب الإعلام باللجنة الشعبية العامة للشؤون الإجتماعية 2007
تنزيل ملف مناسك الحج والعمرة
----------------------------------------------------------------------














%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%88%D8%A7%D9%81.jpg)









مقطع فيديو يشرح جيدا مناسك الحج والعمرة تشغيـــــل
Original Video- More videos at TinyPic
إنتاج مكتب الإعلام باللجنة الشعبية العامة للشؤون الإجتماعية 2007
تنزيل ملف مناسك الحج والعمرة
----------------------------------------------------------------------














%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%88%D8%A7%D9%81.jpg)









حــــج مــبرور
إهداء من
عبد المجيد بن عبد العزيز آل سعود
أمــيـــر مــنــطــقـــة مــكــة الــمــكــرمـــة
الإهــــــــداء
هذه وردة من بساتين الحب ، و نفحة من أزهار الود و ثمرة من غراس العلم ، و قطرة من زلال المعرفة ، و شذى من كرم الضيافة ، هدية إلى ضيوف الرحمن ، و باقة لإخوة الإيمان .
هذه رسالة لسان حالها ينادي :
أنا صوت من مهبط الوحي فيه
روعة الحق و ازدهار المكان
جئت علماً و حكمـة و قصيداً
و حـداءً و باقة من بيــان
في حروفي تألق من حراء
و صفاء من فيض ركن اليماني
و شفاء من زمزم و ضياء
أحمديٌ من مولد العدناني
-------------------------------
أهلاً بك في مهبط الوحي
الحمد لله ، و الصلاة و السلام على رسول الله .. و بعد :
أخي المسلم ، أختي المسلمة .. أحييكم بتحية الإسلام ، التحية الخالدة الرائدة التي تنبض بالحب و تفيض بالود ، و تعبق بالسلم .. فالسلام عليكم و رحمة الله و بركاته :
أخي الحاج .. جئت أهلاً ، و حللت سهلاً ، إلى مهبط لوحي ، و منبع الهداية ، و مهوى الأفئدة ، تحييك قلوبنا و مشاعرنا و أرواحنا ، تحييك مكة بجبالها و تلالها و سهولها و وديانها و شجرها و مدرها ، تحييك بلدك المملكة العربية السعودية حكومة و شعباً ، كما تحييك إمارة منطقة مكة المكرمة التي تتشرف بخدمتك و تسعى لراحتك ، و تبذل لطمأنينتك لا أغلى لدينا ضيفاً من ضيف الرحمن ، و لا أحب إلينا وفداً من وفد الديان .
ها أنت أخي الكريم من الله عليك فهداك و اجتباك ، ووفقك للإسلام ، و أعزك بالإيمان ، و يسرك للحج ، و هداك للعمرة ، لتحظى بضيافته , و تجني من فضله ، و تقطف من أثمار كرمه ، فأحمد الله أولاً و آخراً . ثم أعلم أننا إخوانك هنا في البلد الحرام قد جندنا أنفسنا ، و بذلنا قصارى جهدنا لنؤدي واجب الضيافة و نفوز بشرف الكرامة .
-------------------------------
أملنا رضوان الله تعالى و ذلك بتيسير طريقك و تسهيل أمرك و إعانتك على أداء نسكك ، امتثالاً لمراد الله جل و علا حيث أمر أبا الأنبياء عليه السلام بقوله : { و إذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئاً و طهر بيتي للطائفين و القائمين و الركع السجود } و نحن لنا فيه أسوة حسنة فإن تمت الأمور على ما نريد فالحمد لله أولاً و آخرا و إن طرأ قصور فنستغفر الله تعالى ثم نعتذر إليك آملين منك ألا تتردد في إبداء ملاحظاتك و إسداء مرئياتك التي ستجد قلوباً واعية و آذان صاغية .
و إنه ليسرنا أن نهدي إليك بعض الفوائد القيمة و النصائح الموجزة ، إضافة إلى شرح مبسط لأعمال الحج و العمرة ، من خلال هذه الرسالة اليسيرة المعطرة بأريج الحب ، المجللة بعبير الصدق .
وفقنا الله و إياك ، و تقبل منا و منك ، إنه سميع مجيب ، رحيم قريب و الله يحفظكم و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
أخـــوكم
عبد المجيد بن عبد العزيز آل سعود
-------------------------------
الحج المبرور
الحج المبرور ... قصد الكريم ، و إرادة العظيم ، و صفاء النية وسلامة الهدف ، و وضوح الرؤية و إخلاص العمل له جل و علا .
الحج المبرور ... النفقة الحلال و البعد عن الجدال ، و بذل الحقوق و ترك الفسوق و الترفع عن العبث و هجر الرفث ، و لزوم الأدب و حسن الخلق و الالتزام النظام ، و تجنب الغوغاء .
الحج المبرور ... جمال الاتباع ، و روعة الاقتفاء ، و تلمس السنة ، و الأخذ عن الحبيب ، و البعد عن المخالفة ، و الحذر من البدعة .
الحج المبرور ... اللهج بالدعاء ، و الإلحاح في الرجاء ، و الكثرة للذكر ، و التأمل في الوحي ، و التدبر للقرآن ، و الإقامة للصلاة .
الحج المبرور ... رد المظالم ، و بذل المكارم و أداء الأمانات .
الحج المبرور ... التوبة من الذنب ، و الندم على المعصية ، و البكاء على الخطايا ، و العزم على الإقلاع .
-------------------------------
الحج المبرور ... زم النفوس عن الهوى و كبح الجوارح عن الخطأ ، و حفظ اللسان عن الخنا .
الحج المبرور ... تعظيم الشعائر و إجلال المكان ، و احترام الزمان ، و صيانة المثل ، و الإحسان إلى الناس .
الحج المبرور ... مرضاة للرب ، و غفران للذنب ، و رفعة للدرجة ، و محو للسيئات ، و طريق إلى الجنة .
و من حج فلم يرفث و لم يفسق رجع كيوم ولدته أمه .
-------------------------------
فضائل مكة المكرمة
هنا انبثاقة أنوار العلوم هنا
مهوى قلوبٍ و أرواحٍ و أنظارٍ
و من هنا خير من سارت به قدم
و خير هادٍ و مبعوث و مختار
هنا أتى الروح للمختار يأمره
اقرأ. فما أعظم المقروء و القاري
و عاد يرجف و التفكير في ذهل
إلى خديجة يشكو خوف أضراري
قالت له لن ترى ضيماً و لا كدرا
لا مكرم الضيف و المعدوم و الجر
فقام ينشر للدنيا هدايته
و أشرق الفجر من بوابة الغار
من مكة بعث النور ، و قام سوق العدل ، و نصب ميزان القيم ، و رفع منبر الحق ، و بزغ فجر الفضيلة .
وعلى رمالها حفر الشرك ، و على ثراها مزق الوثن ، و في أوديتها أزهق الباطل ، و على صخورها تحطم الكفر و الإلحاد.
بدأ التاريخ غضاً طرياً من مكة ، و وقوع نور السماء
-------------------------------
على بساط مكة فأشرقت النفوس ، و غردة المشاعر ، و هللت الأرواح ..
هنا نزلت الكلمة الطيبة ، و هنا هبطت : { اقرأ } ، نزل بها الروح الأمين على قلب سيد المرسلين ، فانفتح دفتر الكون ، و سجل قلم التاريخ ، و تحركت عجلة الكرامة .
صخر ومنه تفجرت شهب
و لهــا بكل منارة شعل
اقرأ تعالى الله قائلها
فإذا الجبال الصم تبتهل
هنا انشق القمر ليكون آية على صدق رسول الهدىفرأى العالم البدر فلقتين ، و هذا القمر المنير قسمين { اقتربت الساعة و انشق القمر } .
هنا بني البيت ، و حملت أحجاره على أكتاف عبدين صالحيين ، و نبيين صادقين : إبراهيم و إسماعيل ، و الهتاف : { ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم } .
هنا قصم عنفوان عدوان أبرهة ، و دحر جيشه و نكست أعلامه ، و خسأ فيله : { فجعلهم كعصف مأكول } .
هنا غار حراء و غار ثور ، و مسجد الخيف ، و منى ، و عرفة ، و مزدلفة ، و المحصب ، و الصفا و المروة ..
-------------------------------
هنا القصة الكبر، و الحدث الأهم ، نزول الوحي على الرسول : { نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين } .
من هنا كانت الرحلة العظيمة ، و السفر المبارك لمحمد إلى السماء ، حيث التقى العالم العلوي بالسفلي و البشر بالملائكة . { سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الذي باركنا حوله }.
هنا مكة المكرمة تعيش هانئة في ظلال التوحيد ، ناعمة في أحضان الشريعة ، ساكنة في وجدان المملكة .
مكة الطهر مأزر الحق منها
شع فجر التوحيد و الإيمان
يوم كان النبي يلقى صنوفاً
من نكال و فتنة و امتحان
و أتاه جبريل : مرني فإما
أن يبادوا أو يطبق الأخشبان
فيرد الرحيم رداً زكياً
بحروف من الرضا و الحنان
و أماني في كفه باسمات
و أريج التقوى و روح الجنان
-------------------------------
إن لهذه البلدة الحرام خصائص عظيمة و فضائل جليلة ، تربو عن الحصر ، و تزيد على العد ، و لكن نورد هنا إضافة لما سبق بعض الفضائل لنزداد لها تعظيماً و بها تعلقاً ، و إليها تشوقاً .
1ـ أن فيها ولد أبر مولود بأمته ، و أبرك وافد على قومه ، و أسعد رائد على عشيرته و منها بعث .
ولد الهدى فالكائنـات ضيــاء و فـــم الزمان تبتسم و ثنــــاء
2ـ أنها مهبط الوحي ، و مشرق النور ، و فجر الإسلام ، و قبلة الدنيا ، و مهوى الأفئدة .
3ـ أن فيها ماء زمزم الذي هو طعام الطعم و شفاء سقم ، الماء الذي جرى باسم الله تعالى .
4ـ أنه ليس فيها إلى دين الإسلام ، و لا يدخلها غير مسلم .
5ـ أنها أحب البقاع إلى الله كما أخبر المصطفى .
6ـ أن الله تعالى أخبر أنها بلدة مباركة ، و كذلك أخبر .
-------------------------------
7ـ أنها بلد الأمن و الأمان كما أخبر بذلك تعالى .
8ـ أن الله تعالى قد استجاب لدعوة إبراهيم ـ عليه السلام ـ لها بأن يجعل الأفئدة تهوي إليها ، و بأن يرزق أهلها من الثمرات و بأن يبعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياته و يزكيهم .
9ـ أن أكثر الأنبياء جاؤوا إليها ، و طافوا بكعبتها و ممن أتاها آدم ، و إبراهيم ، و إسماعيل ، و موسى ، و يونس ـ عليهم السلام ـ و غيرهم .
10ـ أنه لا يجوز حمل السلاح فيها إلى للضرورة .
11ـ أنه يحرم صيدها على جميع الناس ، بل و لا ينفر صيدها ، و يحرم قطع شجرها ن و لا تلتقط اللقطة فيها إلا لمن يعرفها .
12ـ أن الصلاة فيها مضاعفة بمائة ألف صلاة ، و كذلك الحسنات ، و الراجح أن الصلاة مضاعفة في كل مساجد مكة ، و ليس فقط في المسجد الحرام .
13ـ أن مجرد نية المرء من معصية فيها يعرض نفسه لغضب الله تعالى ، قال سبحانه : { و من يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم } .
-------------------------------
14ـ أنه ورد ذكرها في القرآن الكريم في آيات كثيرة مثل قوله تعالى : { إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مبارك و هدى للعالمين } . و قوله تعالى : { إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة التي حرمها } ن و أقسم الله تعالى بها كما في قوله : { لا أقسم بهذا البلد و أنت حل بهذا البلد } ، و قوله تعالى :{ و هذا البلد الأمين }.
15ـ أن فيها الكعبة قبلة المسلمين و هي أول بيت وضع للناس ، و فيها يقول تعالى : { جعل الله الكعبة البيت الحرام قيام للناس } ، و قال أيضاً : { قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام و حيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره }.
يروقني منظر البيت العتيق إذا
بدا لعيني في الإشراق و الطفل
كأن جبهته السوداء قد نسجت
من حبة القلب أو من أسود المقل
16ـ أن فيها الحجر الأسود الذي هو من الجنة و الذي يشهد لمن استلمه .
الحجر الأسود قبلته
بشفتي قلبي و كلي و له
لا لاعتقادي أنه نافع
بل لإقتدائي بالذي قبله
17ـ أن فيها مقام إبراهيم ـ عليه السلام ـ { و اتخذوا من مقام إبراهيم مصلى } .
18ـ أن الدجال سيطأ جميع البلدان إلا مكة ، فحينما يقدم إليها يخسف به و بمن معه قبل وصوله إليها .
-------------------------------
من آيات الحج
قال تعالى : { الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث و لا فسوق و لا جدال في الحج } .
و قال تعالى : { و لله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً و من كفر فإن الله غني عن العالمين } .
من أحاديث الحج
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : سمعت النبي يقول : " من حج فلم يرفث و لم يفسق رجع كيوم ولدنه أمه ". [ رواه البخاري ]
و عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن الرسول قال : " العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ، و الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " . [ متفق عليه ]
و عن عائشة رضي الله عنها قالت : يا رسول لله ، نرى الجهاد أفضل العمل ، أفلا نجاهد ؟ قال : " لكنّ أفضل الجهاد حجٌ مبرور " . [ متفق عليه ]
و عن جابر ـ رضي الله عنه ـ ، أن النبي قال :
-------------------------------
" أديموا الحج و العمرة ، فإنهما ينفيان الفقر و الذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد ".[ رواه الطبراني و صححه الألباني ]
و عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي قال : " الغازي في سبيل الله و الحاج و المعتمر وفد الله : دعاهم فأجابوه ، و سألوه فأعطاهم " . [ ابن ماجه و صححه الألباني ]
و عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله : " أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام فإن لك بكل وطأة تطؤها راحلتك يكتب الله لك بها حسنة ، و يمحو عنك بها سيئة ، وأما وقوفك بعرفة ، فإن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة ، فيقول : هؤلاء عبادي ، جاءوني شعثاً غبراً من كل فج عميق ، يرجون رحمتي و يخافون عذابي و لم يروني ، فكيف لو رأوني ؟ فلو كان عليك مثل رملٍ عالج ـ أي متراكم ـ أو مثل أيام الدنيا ، أو مثل قطر السماء ذنوباً عسلها الله عنك . و أما رميك الجمار فإنه مذخور لك ، و أما حلقك رأسك فإن بكل شعرة تسقط حسنة ، فإذا طفت بالبيت خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك ".[ الطبراني و حسنه الألباني ]
-------------------------------
روح الحـــج
الحــج : رحلة فريدة ، و سفر مقدس ، و سياحة ، مبجلة ، ينتقل المسلم فيها ببدنه و قلبه إلى البلد الأمين لمناجاة رب العالمين .
الحـج : رحلة سلام إلى أرض سلام ، في زمن سلام ، استجابة لنداء القدوس السلام .
ما أروعها من رحلة ، و ما أعظمه من منظر يأخذ بالألباب ، و يهز النفوس ، و يطرب المشاعر ، و يمتع الأرواح و يبث الأفراح .
هل رأيت لباساً قط أجل من لباس الحجاج و المعتمرين ؟
هل رأيت رؤوس أعز و أكرم من رؤوس المحلقين و المقصرين ؟
هل مربك ركبٌ أشرف من ركب الطائفين ؟
هكذا تتجلى روح المساواة و الأخوة الوحدة ، فتبدو جلية كالشمس ، ناصعة كالبدر .
وحدةٌ في المشاعر ، و حدةٌ في الشعائر ، و وحدةُ
-------------------------------
في الهدف ، و وحدةٌ في العمل ، و وحدة في القول ، لا إقليمية ، لا عنصرية ، لا عصبية للون أو جنس أو طبقة ، " لا فضل لعربي على أعجمي و لا أبيض على أسود إلا بالتقوى " .
أرى الناس أصنافاً و من كل بقعة
إليك انتهوا في غربة و شتات
تساووا فلا أنساب فيها تفاوت
لديك و لا الأقدار مختلفات
الحــج : ترك الديار ، و فراق الأهل ، و قصد الكريم ، و تذكر الرحيل ، و القدوم على بيت المنعم .
الحــج : منازلة إبليس ، و إرغام الطاغوت ، و اجتماع الأمة ، و تأكيد العهد ، و الاتفاق على الميثاق .
الحــج : تجديد للولاء ، و تصديق للتوحيد ن و تصفية للعقيدة ، و تزكية للأرواح .
الإحرام : طرح الزينة ، و ارتداء الكفن ن و توحيد الزي ، و بياض اللباس ، و المنهج و الرسالة .
التلبية : نشيد الأحرار ، و حداء الرحلة ، و هتاف الخالدين ،
إنه تصميم على المواصلة و تجديد
-------------------------------
للنشاط ، و إعلان لانتصار الحق على الباطل ، و الرشاد على الغي .
الطواف : دوران حول الرمز الخالد ، و المثل الحية ، و استجداء ملح منا للكريم جل في علاه ، و تكرار للطلب ، و التفات إلى بيت الجواد المنان .
السعي : امتثال للأمر و إتباع للأم ( هاجر عليها السلام ) ، و ركض في طلب الرضا ، و سعي حثيث يذكر بالقرب من الغاية ، و تشمير لطلب الأجر ، و كدح لجمع الحسنات ، و حط السيئات ، و رفع للدرجات .
الوقوف بعرفة : التقاء الأرض بالسماء ، و العقل بالوحي ، و الفناء بالبقاء ، و اتصال الضعف بالقوة ، و الفقر بالغنى .
عرفــــة : حيث تساوي الرؤوس ، و إزهاق النعرات ، و قتل الكبرياء ، و ذبح الشرك على الصعيد .
عرفــــة : حيث العتق من النار ، و المباهاة بالحجاج ، و التفرغ للذكر و الدعاء .
الــرمـي : قذف الباطل ، و رجم الضلال ، و سحق الغواية .
-------------------------------
الحلق : تفاؤل بحط السيئات ، و خلع لرداء الذنب ، و انسلاخ من قميص الإثم ، و تجرد من الماضي ، و توبة من الفائت .
النحر : تضامن مع إبراهيم ، و مواسم للقرابين ، و شكر على درء القتل عن إسماعيل ، و ضيافة بمناسبة فرح الخليل ، و إهراق للدماء في سبيل الله ، و مهرجان للفقراء .
في الحج تنظم المشاعر رعشة
و يذوب من خفقانه الوجدان
في الحج تكتنف المحاجر عبرة
حرّي ، و تلهب خدها الأجفان
في الحج أشوق سمت عن غاية
دنيا ، فغاية شوقها إحسان
هذي النفوس على البياض نقية
بيضاء لا فتن و لا أضغان
هذا البياض تراه قد غمر المدى
تزهو بصفو بياضه الأبدان
هذي المشاعر بالخيام حفية
يجد الحفاوة عندها السكان
تعلو على كل القصور منيفة
بالمترفات ، و يقصر البنيان
لم يبق من زمن يلذ لصاحب
إلا هنا ، حيث الزمان أمان
ذابت لغات الأرض في لبيك إذ
تعلو ، و ذابت ثمة الألوان
أعظم من حج البيت
محابر و سجلات و أندية
و أحرف و قوافي كن في صمم
نفضت عنها الغبار الذل فاتقدت
و أبدعت و روت ما قلت الأمم
و جئت يا منقذ الإنسان من خطر
كالبدر لما يجلي حالك الظلم
محمد لم يحج إلا حجة واحدة هي حجة الوداع ، قدم إلى مكة و معه أكثر من مائة ألف صحابي كلهم يهتفون بالتلبية بين يديه .. يا الله !! مكة الآن ترتدي حلة جديدة ، و تكتسي ثوباً قشيباً ، و تستقبل فجراً جديداً ، هذه رمالها تعانق أطهر أقدام وطئتها ، و هذه جبالها تباهي بأعظم أبطال نازعوها شموخها ، و هذه و هادها تعطر جنباتها بهتاف أزكى أرواح مضت عليها ، يقبل ص للحج بعد أن شيد معالم الدين ووطد أركان التوحيد ، و أقام صروح الإيمان ، يقبل في موكب ما عرفت الدنيا له نظيراً ، و ما أبصر التاريخ له مثيلاً .
علمت الجزيرة بوجهة النبي للحج فدفعت بفلذات أكبادها ، و أقبلوا يدفعهم الشوق ، و يقودهم
الحب ، و يحدوهم الأمل ، كل منهم يتمنى أن يكحل عينيه برؤية ذلك الحاج الذي ما حج البيت مثله ، و ما أشرقت الشمس على أفضل منه ، خير الموحدين ، و أصدق الملبين ، و أزكى الحجاج و المعتمرين .
يا الله ما أسعده من موكب ، و ما أطهره من وفد ، وما أجله من حشد ، و ما أحسنه من ركب ، و ما أروعهم من حجيج ، الزمان يزدهر ، و الأيام تحتفل و الأرض في طرب ، و الأرجاء تتقد ، و التاريخ يسجل !! اسرح بخيالك ، حلّق بفكرك ، انتقل بوجدانك ، تخيّل ذلك المشهد الأجلّ ، ثم تخيل نفسك لو كنت أحد أفراد تلك الرحلة المباركة ن تلثم جبين النبي و تتأمل قسمات وجهه ، و تصافح أبا بكر ، و تعانق عمر ، و تتحدث إلى عثمان ، و تتسع إلى علي !! .
إنها أمينة عظمى ، و رغبة كبرى ، و إن لم تظفر بها في الدنيا فأبشر بها في الآخرة ، إذا مضيت على نهجهم ، و اقتفيت أثرهم ، و تضلعت بحبهم ، فإن المرء يحشر مع من أحب .
و ها أنت الآن تسير على الطريق ، و تمضي على المنهج ، أسأل الله أن ينير قلبك و ييسر دربك ..
أكرم بخلق نبي زانه خلق
بالحق مشتمل بالبشر متسم
كالزهر في ترف و البدر في شرف
و البحر في كرم و الدهر في همم
جاءت لدعوته الأشجار ساجدة
تمشي إليه على ساق بلا قدم
يا ربِّ أزكى صلاة منك دائمة
على النبي بمنهلٍّ و منسجم
ما رنّحت عذبات البان ريح صبا
و أطربت نغمات الآي من أمم
صفة الحــــــج و العمــــــــرة
هذه صفة الحج و العمرة بإيجاز مفيد بعيدةً عن التطويل و التعقيد و الآراء ، بل هي مستقاة من هدي النبي القائل : " خذوا عني مناسككم " .
أولا : الإحــــــــــــــــــــرام :
أول أعمال الحج و العمرة هو : الإحرام .
أ ـ معنى الإحرام : هو أن تنوي الدخول في النسك الذي تريده ، فإذا نويت الدخول فيه فقد أحرمت ، حتى و لو لم تتلفظ بشيء .
ب ـ مكان الإحرام : و هي المواقيت و الأمكنة التي عينها النبي ليحرم منها من أراد الحج أو العمرة ، و هي خمسة معروفة مشهورة .
ج ـ وقت الإحرام بالحج : هو الأشهر التي ذكرها الله تعالى بقوله : { الحج أشهر معلومات .. } ، و هي شوال ، و ذو القعدة ، و عشرة أيام من ذي الحجة .
د ـ الأشياء التي يفعلها الحاج قبل الإحرام :
1 ـ أخذ ما يحتاج إلى أخذه ؛ من تقليم الأظافر و قص
الشارب ، و أخذ شعر الإبطين ، و شعر العانة .
2 ـ الاغتسال لجميع البدن ، و هو ليس بواجب ؛ لأنه سنًّة في حق الرجال و النساء حتى النفساء و الحائض .
3 ـ الرجل يخلع جميع الملابس المخيطة ، و يلبس إزاراً و رداءً ، و يستحب أن يكونا أبيضين نظيفين .
أما المرأة فتخلع ما على وجهها من برقع و نقاب مما خيط للوجه خاصة ، و تجعل مكانه خماراً تغطي به رأسها و وجهها عن الرجال غير المحارم .
و كذلك يلزم المرأة عن الإحرام أن تزيل ما على كفيها من القفازين ( الكفوف ) . و أما ما عدا النقاب و البرقع و القفازين فلا تمنع من لبسه مما جرت عادتها بلبسه و لم يكن فيه زينة ملفتة للنظر . و لا يتعين لون خاص لثياب الإحرام في حق المرأة .
4 ـ بعد الاغتسال يتطيب في بدنه فقط بما تيسر ، و لا يطيب ملابس الإحرام ، و المرأة تتطيب بما لا يظهر ريحه ظهوراً كثيراً .
ثم بعد ذلك يصلي الرجل و المرأة - غير الحائض و النفساء - الفريضة إن كان وقت فريضة ، و إلا صلى
المحرم ركعتين ينوي بهما سنة الوضوء ، و ليس هناك ركعتان خاصتان بالإحرام ، ثم إذا فرغ من الصلاة نوى الإحرام بعد ذلك .
هـ ـ أنواع النسك التي يحرم الحاج بأيها شاء :
أنواع النسك ثلاثة : ( تمتع – قران – إفراد ) .
1 - التمتع : و هو أن تنوي الإحرام بالعمرة في أشهر الحج من الميقات ، و إذا أديت مناسكها حللت من إحرامك ، ثم تحرم بعد ذلك من مكة بالحج – في اليوم الثامن – و التمتع هو أفضل الأنساك على الصحيح لقوله : (( لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدى و لجعلتها عمرة )) . و يكون على المتمتع طواف و سعي للعمرة ، و طواف و سعي للحج ، و عليه هدي .
2 – القران : هو أن تحرم بالعمرة و الحج معاً من الميقات ، أو تحرم بالعمرة ثم تدخل عليها الحج قبل الشروع في طوافها ، و تبقى في إحرامك إلى أن ترمي الجمرة يوم العيد و تحلق رأسك ، و تهدي كالمتمتع .
3 – الإفراد : و هو أن تحرم بالحج فقط من الميقات ، و تبقى في إحرامك إلى أن ترمي الجمرة يوم العيد ، و تحلق رأسك ، و لا هدي عليك . و المفرد و القارن ليس
عليهم إلا سعي واحد .
و سيأتي تفصيل ما يتعلق بأنواع النسك ، و ما يفعل كل ذي منسك منها .
و ـ ما يقال عند الإحرام و بعده :
1 – المتمتع : يستحب أن يقول : اللهم إني أريد الإحرام بالعمرة متمتعاً بها إلى الحج فيسرها لي و تقبلها مني .
2 – القارن : يقول اللهم إني أريد الإحرام بالحج ، أو لبيك اللهم عمرة و حجاً .
3 – المفرد : يقول اللهم إني أريد الإحرام بالحج ، أو لبيك اللهم حجاً .
لبيك .. فاح الكون من نفحاتها
و تعطرت منها ربوع الوادي
لبيك .. فاض الوجد في قسماتها
و تناثرت فيها طيوف وداد
لبيك .. فاتحة الرحيل و صبحه
هلا سمعت هناك شدو الشادي
هذا الرحيل إلى ربوع لم تزل
تهدي إلى الدنيا براعة هاد
إذا كان المحرم يحس بمرض أو يخشى أن يعوقه عائق
عن أداء النسك فله أن يشترط فيقول عند الإحرام : ( فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني ) ، فإذا لم يتمكن من إتمام حجه يحل و لا شيء عليه .
و بعد أن ينوي الإحرام يبدأ بالتلبية بصيغتها المعروفة : (( لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد ، و النعمة ، لك و الملك ، لا شريك لك لبيك )) يرفع يرفع الرجل بها صوته ، و المرأة تخفض صوتها بها .
ثانياً : ما يفعله الحاج عند وصوله إلى مكة :
يا مكة الخير يا أرض المسرات
يا مشرق النور يا مهد النبوات
يا درة في جبين الكون ساطعة
و يا عبيراً لأرواح زكيات
و كيف لا ننتشي شوقاً إلى بلد
نهفو له كل يوم خمس مرات
1 - ما يفعله المتمتع :
إذا وصلت أخي الحاج إلى مكة المكرمة و كنت متمتعاً فإنك تقوم بأداء مناسك العمرة ، و حينما تصل إلى المسجد
الحرام ينبغي أن تبدأ الدخول فيه مقدماً رجلك اليمنى قائلاً : (( بسم الله ، و الصلاة و السلام على رسول الله ، اللهم اغفر لي ذنوبي ، و افتح لي أبواب رحمتك ، أعوذ بالله العظيم ، و بوجهه الكريم ، و بسلطانه القديم ، من الشيطان الرجيم )) . ثم تتقدم إلى الحجر الأسود لتبتدئ الطواف فتسلم الحجر بيدك اليمنى و تقبله إذا تيسر ذلك ، فإن لم يتيسر لك استلامه و تقبيله فإنك تستقبله و تشير إليه بيدك ، وكن حذراً من مزاحمة الناس و إيذائهم من أجل تقبيل الحجر الأسود ، فقد قال لعمر بن الخطاب : (( أنت رجل قوي لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف ، إن وجدت خلوة فاستلمه و إلا فاستقبله و هلل و كبّر ))
ثم تقول عند استلام الحجر : (( بسم الله ، الله أكبر )) ، (( اللهم إيماناً بك ، و تصديقاً بكتابك ، و وفاءً بعهدك ، و اتباعاً لسنة نبيك ص )) .
وكل شوط من أشواط الطواف يبدأ بالحجر الأسود وينتهي عنده .
أما الركن اليماني فإنك تستلمه من غير تقبيل ، و إن لم تتمكن من استلامه تمضي من غير أن تشير إليه ، و الدعاء
المأثور في الطواف هو فقط ما يقال بين الركن اليماني و الحجر الأسود : (( ربنا آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النار )) .
وهكذا كلما مررت بالحجر الأسود تكبر ثم تدعو بما تشاء ، أو تذكر الله تعالى بما تحب ، أو تقرأ من القرآن ما تريد .
و يستحب في طواف القدوم و طواف العمرة أمران :
الأول : الاضطباع ، و هو أن يخرج الرجل كتفه الأيمن من ابتداء الطواف إلى انتهائه .
الثاني : الرمل : في الأشواط الثلاثة الأولى فقط ، و الرمل هو المشي مع تقارب الخطا .
أخي الحبيب .. يا ضيف السميع المجيب : إذا أتممت الطواف سبعة أشواط فأقرأ : { و اتخذوا من مقام إبراهيم مصلى } ثم تقدم إلى مقام إبراهيم ، ثم صلي ركعتين خلفه إذا أمكن ، فإن لم تستطع ففي أي مكان من الحرم ، تقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة : { قل يا أيها الكافرون } : و في الثانية : { قل هو الله أحد } بعد الفاتحة أيضاً ، و لا تصل هاتين الركعتين أو غيرهما و أنت مازلت مضطبعاً ( أي مكشوف الكتف ) فهذا منهي عنه في الصلاة .
ثم تنطلق بعد ذلك و يستحب أن تشرب ماء زمزم حتى ترتوي تماماً ، و تغسل بالماء رأسك ثم تخرج إلى المسعى ، و تسعى بين الصفا و المروة سبعة أشواط ـ و هذا سعي العمرة ـ تبدأ الشوط الأول من الصفا وتنهيه بالمروة ، و تبدأ الشوط الثاني بالمروة و تنهيه بالصفا .
و إذا دنا المحرم من الصفا قرأ : { إن الصفا و المروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطّوف بهما و من تطوع خيراً
فإن الله شاكر عليم }.
ثم يرقى على الصفا حتى يرى الكعبة إن أمكن ، فيستقبلها ، و يحمد الله ثلاثاً و يكبره ثلاثاً و يدعو ما شاء أ، يدعو ، و كان من دعاء النبي ص هنا : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك و له الحمد ، و هو على كل شيء قدير . لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، أنجز وعده و نصر عبده و هزم الأحزاب وحده " ، و يكرر ذلك ثلاث مرات ، و يدعو بين ذلك .
ثم تنزل من الصفا إلى المروة مشياً ، فإذا بلغت العلم الأخضر تركض ركضاً شديداً حتى تصل إلى الآخر ـ إلا النساء ـ فإذا وصلت المروة تصعد عليها و تصنع مثل ما صنعت على الصفا ، و تقول ما قلته هناك ، فإذا أتممت
سبعة أشواط تذهب فتقصر من جميع شعر الرأس ، و لا تحلق رأسك إلا إذا كان هنالك مدة بين العمرة و الحج يمكن أن ينبت الشعر فيه ، و قد أمر ص أصحابه في حجة الوداع أن يقصروا للعمرة ، و لم يأمرهم بالحلق ، لأن قدومهم كان صبيحة الرابع من ذي الحجة ، أما المرأة فإنها تقصر من شعرها قدر أنملة .
2ـ ما يفعله القارن و المفرد :
إن كنت عند وصولك إلى مكة قارناً أو مفرداً فإنه يستحب لك أن تطوف للقدوم سبعة أشواط ، تصلي بعدها ركعتي الطواف ، ثم إن شئت أن تقدم سعي القران إن كنت قارناً ، أو سعي الحج إن كنت مفرداً ، فتسعى بعد طواف القدوم ، جاز لك ذلك ، و لك تأخيره ، فتسعى بعد طواف الإفاضة ، ثم تبقى بعد طواف القدوم في إحرامك من الميقات إلى يوم العيد .
أعمال الحــج و صفـتــه
كأنني برسول الله مرتديا
ًًًًً
ملابس الطهر بين الناس كالقمر
نور و عن جانبيه من صحابته
فيالق و ألوف الناس بالأثر
ملبياً رافعاً كفيه في وجل
لله في ثوب أواب و مفتقر
مرنماً في جلال الحق تغلبه
دموعه مثل وبل العارض المطر
تبدأ أعمال الحج من اليوم الثامن ، و هو المسمى يوم التروية
1ـ أعمال يوم التروية : في هذا اليوم يسحب للمتمتع الذي حل من عمرته أن يحرم بالحج ضحىً ، فيفعل قبل إحرامه بالحج مثل ما يفعل قبل إحرامه بالعمرة من الغسل و الطيب و الصلاة ، ثم يحرم للحج من المكان الذي هو نازل فيه ، أما القرن و المفرد فلا يزالان في إحرامهما من الميقات ، و يخرج الجميع إلى منى قبل الظهر ، و يصلون الظهر و العصر و المغرب و ا لعشا ء كل صلاة في وقتها ، مع قصر الرباعية إلى ركعتين ، ويبيتون بمنى ليلة
التاسع ، و يصلون الفجر فيها ، و المبيت بمنى في تلك الليلة سنة فلو تركه الحاج فلا شيء عليه .
و من كان نازلاً في منى قبل يوم التروية فإنه يحرم يوم التروية من منى ضحى كغيره .
2ـ الوقوف بعرفة و ما يفعل في هذا اليوم : إذا طلعت الشمس يوم عرفة سار الحجاج إلى عرفة بسكينة و وقار و تلبيه – و من كان في أي مكان آخر بغير منى فإنه يحرم من مكانه حتى لو كان موجوداً بعرفة ؛ كالموظفين و العمال و غيرهم .. فإنه يحرم من عرفة إذا لم يتمكن من الذهاب إلى منى يوم التروية – فينزل الحاج بنمرة إلى الزوال إن تيسرله ، و إلا فلا حرج ؛ لأن النزول بنمرة سنة ، فإذا زالت الشمس صلى الله عليه وسلم الظهر و العصر جمعاً و قصراً ركعتين ركعتين جمع تقديم كما فعل رسول الله ليطول وقت الوقوف الدعاء ، ثم يتفرغ الحاج بعد الصلاة للذكر و الدعاء و التضرع إلى الله عز وجل ، ويدعو بما أحب رافعاً يديه مستقبلاً القبلة ، و كان أكثر دعاء النبي في ذلك الموقف العظيم : (( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، و هو على كل شيء قدير )) ، و هي أفضل الدعاء ، و أفضل ما قاله الأنبياء ، و السماوات السبع
و الأرضين لو كانت في كفه و لا إله إلا الله في كفه لمالت بهن لا إله إلا الله .
و لا تنس أخي المسلم أن الحج عرفة ، و أن الشيطان ما رؤي أدحر و أحقر منه في هذا اليوم ، و أن الله يباهي بعباده ملائكته ، و أنه أكثر يوم يعتق الله فيه رقاب عباده من النار .
اقتد بنبيك الذي مكث من بعد الظهر إلى غروب الشمس يدعو الله تعالى و يناجيه ، مع أنه المغفور له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر .
و قلم في عرفا ت الله ممتطيا
قصواءه يا له من موقف نضر
تأمل الموقف الأسمى فما نظرت عيناه
إلا لأمواج من البشر
فــيــــنحـــــني شــــــاكــــرا ً لله مـنتــــه
و فضله من تمام الدين و الظفر
يشدو بخطبته العصماء ذاكية
كالشهد كالسلسبيل العذب كالدرر
مجلياً روعة الإسلام في جمل
من رائع من بديع القول مختصر
داعٍ إلى العدل و التقوى و أن بها
تفاضل الناس لا بالجنس و الصور
مبيناً أن للإنسان حرمته
ممرغاً سيئ العادات بالمدر
يا ليتني كنت بين القوم إذ حضروا
ممتع القلب و الأسماع و البصر
و أنبري لرسول الله ألثمه
على جبين نقي طاهر عطر
أقبل الكف كف الجود كم بذلت
سحاء بالخير مثل السلسل الهدر
ألوذ بالرحل أمشي في معييته
و أرتوي من رسول الله بالنظر
أسر بالمشي لو طال المسير بنا
و ما انقضى من لقاء المصطفى و طري
أمـــا الـــرداء الذي حـــج الحـــبيب بـــه
يا ليته كفن لي في دجى الحفر
و عرفة كلها موقف إلا بطن عرنة ، كما قال ، و من أصابه الملل أو التعب و أراد أن يستجم بالتحدث مع أصحابه بالأحاديث النافعة ، أو قراءة ما تيسر من الكتب المفيدة ، أو غير ذلك من شغل الوقت بما يفيد فلا حرج في ذلك ،
ثم يعود بعد ذلك إلى التضرع و اغتنام بركة هذا الموقف العظيم ، فإذا غربت الشمس ينصرف الحجاج إلى مزدلفة ، و من انصرف قبل الغروب و خرج من عرفة وجب عليه الرجوع إليها ، و البقاء إلى الغروب ، فإن لم يرجع أثم وعليه الفدية .
و ينبغي أن يسود الحجاج أثناء انصرافهم من عرفة السكينة و الوقار ، و أن يشتغلوا بالتلبية و الاستغفار .
مشــاهــد من عــرفــة :
أ- حسن الخاتمة :
بينما رسول الله واقف بعرفة يدعو ربه و يتضرع إليه ، و ينطرح بين يديه ، و يتلذذ بمناجاته ، بينما هو كذلك إذا بأصوات تتردد هنا وهناك ، و إذا بالناس يزدحمون حول رجل من الحجاج ، فيسأل القائد الأعظم الذي كان يعيش هموم الأمة عن الخبر ، فيقال له : رجل فقير و قصته الدابة فمات . فبادر إليه فأمرهم أن يغسلوه و يكفنوه إلا في ثوبيه ( ثوبي الإحرام) . قال " اغسلوه بماء و سدر ، و كفنوه في ثوبيه ، و لا تخمروا رأسه فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبياً " . [رواه مسلم]
ب- إكمال الدين :
جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب فقال : يا أمير المؤمنين إنكم تقرؤون آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً ، قال عمر : و أي آية ؟ قال : قوله : اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام ديناً ، فقال عمر : و الله إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه على رسول الله ، و ا لساعة التي نزلت فيها على رسول الله ، عشية عرفة في يوم جمعة .
تأمل معي أخي الكريم تلك الآية البديعة التي مرت بنا . انظر إلى روعة التعبير ، انظر إلى اختيار الكلمات ؛ كل كلمة في مكانها المناسب : أكملت ، وأتممت ، ورضيت .
انظر إلى الإيجاز الذي بلغ حد الإعجاز !! في هذه الآية يمتن الله تعالى على نبيه بهذه المنن العظيمة ، فتأمل حقيقة المنة في قوله : وأتممت عليكم نعمتي أي نعمت هذه التي أتمها الله على نبيه ؟! أي نعمة و قد كان ينام على الحصير حتى أثر في جنبه ، أي نعمة و قد كان يمر الشهر و الشهران و لم يوقد في بيته نار ؟! أي نعمة و قد كان يربط الحجر على بطنه من الجوع ؟! أي نعمة و قد مات
و درعه مرهونة عند يهودي في ثلاثين صاعاً من شعير ؟! . أي نعمة هذه التي يمتن الله تعالى بإتمامها على نبيه ؟!! .
لعلك عرفت الآن أنها النعمة الحقيقة التي لا تعدلها نعمة ، والمنة التي لا يوازيها منة ؛ إنها نعمة الإسلام ، نعمة الإيمان ، نعمة التوحيد ، نعمة لا إله إلا الله محمد رسول الله .
3ـ المبيت بمزدلفة : إذا وصل الحجاج إلى مزدلفة فإنهم يصلون المغرب و العشاء جمعاً بأذان واحد و إقامتين مع قصر صلاة العشاء إلى ركعتين ، ثم ينزلون و يبيتون بها ، فإذا انتصف الليل جاز للضعفة من النساء و الصغار و الكبار و من يحتاجون إليهم من لأقوياء لخدمته ، جاز لهم الدفع من مزدلفة إلى منى ، أما الأقوياء الذين ليس لهم معهم ضعفة فالأحوط في حقهم إكمال المبيت إلى الفجر ، فإذا تبين الفجر يصلون الفجر في أول وقته ، ثم يشتغلون بالدعاء و التضرع إلى الله إلى قرب طلوع الشمس ، و إذا تيسر الوقوف بالمشعر الحرام و الدعاء عنده فحسن ، و إذا لم يتيسر فيدعون في أي مكان ، لقوله : " و قفت هنا و مزدلفة كلها موقف ".
فإذا أسفر جداً يدفع الحجاج إلى منى قبل طلوع
الشمس ، و لا يجوز الدفع من مزدلفة قبل منتصف الليل ، فمن انصرف قبله أثم و لزمته فدية ؛ لأن المبيت بها واجب من واجبات الحج .
4ـ أعمال الحج في يوم العيد :
الرمي – الهدي – الحلق – الطواف و السعي .
أ- الرمي : إذا دفع الحجاج من مزدلفة إلى منى فإنهم يأخذون و هم في طريقهم إلى منى أو عند وصولهم إليها سبع حصيات لرمي جمرة العقبة ، كل حصاة أكبر من حبة الحمص بقليل – أو بقدر نواة التمر تقريباً – فإذا وصلوا إلى منى رموا جمرة الكبرى – جمرة ا لعقبة – و هي الأخيرة مما يلي مكة ، فترمى بسبع حصيات متعاقبات يرفع يديه مع كل حصاة ، و يقول : " الله أكبر " ، و احرص أن تقع كل حصاة في حوض ا لجمرة ، سواء استقرت فيه أو خرجت منه بعد ذلك ، و ليس شرطاً أن تضرب الحصاة في الشاخص ( العمود ) .
و رمي جمرة العقبة يبدأ من منتصف ليلة العاشر ، و يستمر إلى غروب الشمس من يوم العاشر ، و يجوز مع كثرة الزحام استمرار الرمي إلى ليلة الحادي عشر ، و الأفضل للأقوياء أن يرموا بعد طلوع الشمس من يوم العاشر .
ب- الهدي : بعد رمي جمرة العقبة يذبح الهدي من كان عليه الهدي ، و هما المتمتع و القارن ، و وقت الذبح يبدأ بعد طلوع الشمس من يوم العيد ، و يستمر إلى غروب الشمس من اليوم الثالث عشر – أي يوم العيد و ثلاثة أيام بعده – و يستحب أن يأكل من هديه ، و يهدي ، و يتصدق ، وله أن يدفع قيمة الهدي لدى المصارف المخصصة لذلك ، و هم يقومون بالهدي نيابة عنه .
ج - الحلق و التقصير : بعد ذبح الهدي يحلق الحاج رأسه أو يقصر من جميعه ، فلابد أن يعم التقصير جميع الرأس ، أما المرأة فإنها تقصر من شعرها قدر أنملة من كل ضفيرة ، أو أن تجمع الشعر إن لم يكن لها ضفائر وتقص من رؤوسه قدر أنملة ، فإذا رمى الحاج جمرة العقبة يوم العيد ، وحلق رأسه أو قصره ، فبهذين الأمرين يعتبر قد تحلل التحلل الأول ، وجاز له جميع محظورات الإحرام إلا النساء ، فانه لايجوز له أن يباشر زوجته أو أن ينظر إليها بشهوة حتى يطوف بالبيت طواف الإفاضة .
د- الطواف والسعي : بعد الرمي وذبح الهدي والحلق أو التقصير ، يأتي ا لعمل الرابع من أعمال يوم العيد ، وهو الذهاب إلى المسجد الحرام إذا تيسر له في هذا اليوم ،
فيطوف طواف الإفاضة ، ويسعى بعده إن كان متمتعا ، أو كان الحاج قارنا أو مفردا ولم يسع بعد طواف القدوم .
والطواف في هذا اليوم افضل ، وللحاج تأخيره ، ووقته يبدأ من اليوم العاشر إلى آخر ذي الحجة ، والأفضل إلا يؤخره عن أيام التشريق ، ثم بعد الطواف والسعي يرجع إلى منى فيبيت فيها .
تنبيهات لأعمال يوم العيد :
أ- هذا اليوم يسمى يوم الحج الأكبر ، وذلك لان اغلب أعمال الحج فيه ، فهو يوم اكبر ، ومشهد اكبر ، واجر اكبر.
ب- ترتيب الأعمال في يوم العيد على النحو التالي :
الرمي – الذبح – الحلق أو التقصير – طواف الإفاضة والسعي بعده . ولو قدَّم بعضها على بعض فلا بأس بذلك .
ج- لا يجزئ في الهدي إلا ما يجزئ في الأضحية ؛ بأن تكون قد بلغت السن المحددة شرعاً . وأن تكون سالمة من العيوب .
د- من لم يقدر على تحصيل الهدي صام عشرة أيام : ثلاثة أيام منها في الحج ، والأفضل أن تكون قبل يوم عرفة ، ويجوز صيامها في أيام التشريق : الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر ، ولا يصوم يوم العيد ولا يوم عرفة ، ويصوم الباقي منعا إذا رجع إلى أهله .
موقف مع الحلاق :
لما أراد أن يحلق رأسه قال لمعمر بن عبدالله :" يا معمر ، الديك موسى "؟ قال : نعم يا رسول الله .قال : "سم الله واحلق رأسي" ، فأعطاه ميمنة رأسه الشريف ، فأخذ يحلق رأسه وهو يبتسم ويقول لمعمر :" أما رأيت رسول الله رأسه بين يديك والموسى في يديك " قال معمر : يا رسول الله ، والله إنها من نعم الله عليَّ أن احلق رأسك . فلما انتهى النصف الأول قال لأصحابه :" اقتسموه بينكم " فكادوا يقتتلون على شعره ، كل منهم يريد أن يحصل ولو على شعرة واحدة . ] رواه احمد: 6/4400 [وحق لهم ذلك الاقتتال على شعره ، انه شعر من راس سيد المرسلين الأولين والآخرين ، إنها شعرات من الرأس الذي ملأ الدنيا نورا وتوحيدا وعدلا ، إنها شعرات من الرأس
الذي أنقذهم من الضلالة وأخرجهم من الجهالة ، إنها شعرات من الرأس الذي ما تدنس بمعصية ، ولا تلطخ بخطيئة ، وما امتلأ بغير جلال الله وتوحيد الله وهداية الله .ثم قال لمعمر :" احلق النصف الآخر " فحلق النصف الآخر ، فقال : أين أبو طلحة الأنصاري ؟ فأتى أبو طلحة ، فقال له النبي :" خذ هذا الشعر كله " فبكى أبو طلحة من الفرح . ] رواه مسلم[
طفح السرور عليّ حتى إنني
من عظم ما قد سرني أبكاني
ويجب أن تعلم أن هذه من خصائص النبي ، ولا يجوز فعل ذلك مع غيره .
5- أعمال أيام التشريق : أيام التشريق هي اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة ، ويجب على الحاج أن يفعل في هذه الأيام أمرين:
أ- المبيت في منى ليالي تلك الأيام ، بأن يمكث فيها معظم الليل ؛ لان المبيت بها واجب من واجبات الحج ، ويجوز له أن يقضي النهار في مكة ثم يذهب
إلى منى في المبيت ، علما أن البقاء بمنى إذا كان متيسرا فهو الأفضل والأكمل .
ب ـ رمي الجمار الثلاث في تلك الأيام بعد زوال الشمس من كل يوم ، ويصلي كل صلاة في وقتها مع قصر الرباعية إلى ركعتين ولا يجمع ، ويمتد وقت الرمي إلى آخر الليل ولا حرج ، وأيام التشريق هي كما اخبر :" أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل ". ] أخرجه احمد و مسلم [
6- صفة رمي الجمار: في اليوم الحادي عشر إذا زالت الشمس ، أي تحركت من كبد السماء إلى جهة الغرب – اخذ معه إحدى وعشرين حصاة من المكان الذي هو نازل فيه ، أو من الطريق ، ثم يأتي الجمرة الصغرى ، وهي التي تلي منى ، فيرميها بسبع حصيات متعاقبات واحدة بعد الأخرى ، ويكبر مع كل حصاة ، ثم يتقدم قليلا ويدعو دعاءً طويلا بما أحب ، فان شق عليه طول الوقوف والدعاء دعا بما يسهل عليه ، ولو قليلا ليوافق السنة.
ثم والأفضل الجمرة الوسطى فيرميها بسبع حصيات متعاقبات يكبر مع كل حصاة ، ثم يأخذ ذات الشمال
فيقف مستقبلا القبلة رافعا يديه ، ويدعو دعاء طويلا إن تيسر له ,و إلا وقف بقدر ما يتيسر ,ولا ينبغي أن يترك الوقوف للدعاء؛لأنه سنة, وكثير من الناس يهمله,إما جهلا أو تهاوناً,وكلما أضيعت السنة كان فعلها ونشرها بين الناس آكد.
ثم يرمي جمرة العقبة بسبع حصيات متعاقبات يكبر مع كل حصاة,ثم ينصرف ولا يدعو بعدها.
ثم في اليوم الثاني عشر يفعل مثل ذلك تماماً بعد زوال الشمس .
ثم إن شاء في اليوم الثاني عشر بعد رميه الجمار أن يتعجل فيرحل من منى قبل غروب الشمس فله ذلك,و إن غربة عليه الشمس ليلة الثالث عشر قبل أن يرتحل فإنه يبيت بمنى تلك الليلة,ويرمي الجمار الثلاث بعد الزوال في اليوم الثالث عشر,وهذا يسمى بالتأخير,وهو أفضل من التعجيل, ويجوز للعاجز عن الرمي كالمريض والمرأة الحامل والطفل وكبير السن أن يوكل من يرمي عنه الجمرات , إذ غربت الشمس على الحاج وقد عزم الرحيل لكن تأخر بسبب الزحام أو غيره فلا يلزمه المبيت.
7- طواف الوداع:
يا راحـلا وجمـيل الصـبر يتبعه
هل من سـبيـل إلى لقـياك يـتفق
ما أنصـفتك دمـوعي وهي دامـية
ولا وفى لك قلبي وهو يحترق
إذا أراد الحاج الخروج من مكة المكرمة إلى بلده لا يخرج حتى يطوف طواف الوداع لقول النبي : ( لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت ) . [ متفق عليه]
ومن أخر طواف الإفاضة فأداه عند سفره أجزأه عن طواف الوداع, ويسقط طواف الوداع عن المرأة الحائض و النفساء فتسافران بلا وداع.
زادت هموم القلب و التياعي
لما أتى الطواف للوداع
إلى اللقاء يا أطهر البقاع
يا سلوتي يا غاية الإمتاع
يا خالقي يا من يجيب الداعي
أرجوك فاقبل صالح المساعي
من مخالفات الحج
1- بعض الناس قد يسافر جواً معتمرا ً أو حاجاً فيتهاون في الإحرام عند مروره على الميقات ، بل بعضهم يؤخر الإحرام إلى أن ينزل إلى المطار ، و كلاهما على خطأ . فإذا تجاوز من أراد الحج أو العمرة الميقات و لم يرجع إليه و أحرم من مكانه فعليه فدية يذبحها في مكة و يطعمها كلها للفقراء .
2- مما يتعلق بأمر النساء أن بعض النساء إذا مرت بالميقات تريد الحج أو العمرة ، و كانت حائضاً ، فإنها لا تحرم ظناً منها أن الإحرام تشترط له الطهارة ، فتتجاوز الميقات بدون إحرام ، و هذا خطأ واضح ؛ لأن الحيض لا يمنع الإحرام ، فالحائض تحرم وتفعل كما يفعل الحاج غير الطواف بالبيت ، فإنها تؤخره إلى أن تطهر . ( يجوز للمرأة أن تأخذ حبوب تأخير الدورة و لكن الأفضل استشارة الطبيب ).
3- أيضاً ما يعتقده بعض الحجاج و المعتمرين من أن لباس الإحرام الذي لبسه عند الميقات لا يجوز تغييره و لو اتسخ . و هذا خطأ ؛ بل يجوز أن يغير ملابس الإحرام بمثلها ، و أن يستحم متى أراد بالماء فقط أو مع صابون
غير معطر ، و أن يغير حذاءه بحذاء آخر ، و لا يتجنب إلا محظورات الإحرام المعروفة .
4- أيضاً بعض الرجال إذا أحرموا كشفوا أكتافهم على هيئة الاضطباع ، و هذا غير مشروع إلا في حالة طواف القدوم أو ا لعمرة ، و ما عدا ذلك تكون الكتف مستورة بالرداء في كل الحالات .
5- و من المخالفات ما يفعله بعض الطائفين من كونهم يعتقدون أن ركعتي الطواف لابد أن تكون قريباً من المقام ، فيزدحمون على ذلك ، ويؤذون الطائفين في أيام المواسم ، ويعوقون سير طوافهم ، وهذا الظن خطأ ؛ فالركعتان بعد الطواف تجزئان في أي مكان في المسجد .
6- و مما يتعلق بالنساء ما يقوم به بعضهن من المزاحمة عند الحجر الأسود ، فتزاحم الرجال بجسمها ، فيلتصق بها بعض الرجال ، و هنا مكمن الشر و الفتنة ، فترتكب المحرم و تتسبب في فتنة الآخرين في تحصيل أمر مسنون ، بل تتركه في حقها و الحال كما تقدم واجب ، و درء المفاسد مقدم على جلب المصالح .
7- و من المخالفات المتعلقة بمزدلفة : ما يحصل من بعض الحجاج من كونهم يشتغلون بلقط حصى الجمار ،
و ترك المبادرة إلى صلاة المغرب و العشاء ، و هذا غلط لا أصل له ، و أن النبي لم يأمر أن يلتقط له الحصى إلا بعد انصرافه من المشعر إلى منى ، و من أي موضع لقط الحصى أجزأه ذلك ، ولا يتعين لقطه من مزدلفة بل يجوز لقطه من منى .
8- كذلك ما يحصل من بعض الحجاج من رميهم الجمار بشدة و عنف و صراخ و سب و شتم لهذه الشياطين على زعمهم ، فهم يتوقعون أنهم يرمون الشياطين فعلاً ، و هذا غير صحيح . و إنما هو امتثال و اتباع لسنة إبراهيم - عليه السلام - .
زيارة المسجد النبوي
أتيتك ماشياً وودت أني
ملكت سواد عينين امتطيته
و ما لي لا أسير على المآقي
إلى بلد رسول الله فيه
زيارة المسجد النبوي سنة ثابتة ، و إذا أحب الحاج أن يزور المسجد النبوي قبل الحج أو بعده فإنه ينوي زيارة المسجد لا زيارة القبر ، فإن شد الرحال على وجه التعبد لا يكون لزيارة القبور ، و إنما يكون للمساجد الثلاثة كما قال :" لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، و مسجدي هذا ، و المسجد الأقصى ".[متفق عليه]
و أخبر أن الصلاة في مسجده أفضل من ألف صلاة في ما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام . [ الحديث متفق عليه]
و لكن من الخطأ اعتقاد بعض الناس أن زيارة المسجد النبوي من مكملات الحج و مستلزماته ، و أن الحج لا يتم إلا بها ، و هذا غير صحيح .
و الأحاديث التي رويت في وجوب زيارة قبر الرسول بعد الحج أحاديث غير صحيحة ، مثل :" من حج و لم يزرني فقد جفاني" فهو موضوع . (انظر كشف الخفاء 2/338)
و لا شك أن زيارة قبره مما يقرب به إلى الله تعالى و يفرح به المرء ، و تبتهج به النفس ، و تخشع له الجوارح .
فإذا وصل الزائر إلى مسجد رسول الله فيقدم رجله اليمنى و يدخل و يقول عند دخوله :" باسم الله ، و الصلاة و السلام على رسول الله ، اللهم اغفر لي ذنوبي ، و افتح لي أبواب رحمتك ، أعوذ بالله العظيم ، و بوجهه الكريم ، و سلطانه القديم ، من الشيطان الرجيم " ، ثم يصلي في الروضة ، و هي كما بين منبر النبي و حجرته التي فيها قبره ؛ لأن ما بينهما روضة من رياض الجنة .
فإذا صلى وأراد زيارة قبر النبي فليقف أمامه بأدب ووقار ، وليقل :" السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته " لما في سنن أبي داود بإسناد حسن عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال : قال رسول الله :" ما من أحد يُسلِّم عليّ إلا رد الله عليّ روحي حتى أرد عليه السلام " ، وان قال الزائر في سلامه :" السلام عليك يا نبي الله ، السلام عليك يا خيرة الله من خلقه ، السلام عليك يا سيد المرسلين وإمام المتقين ، اشهد انك قد بلغت الرسالة ، وأديت الأمانة ، ونصحت الأمة ، وجاهدت في الله حق جهاده " ، فلا باس بذلك لان هذا كله من أوصافه
ويصلي عليه ويدعو له لما قد تقرر في الشريعة من شرعية الجمع بين الصلاة والسلام عليه عملا بقوله تعالى :يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما.]الأحزاب : 56[
وكان ابن عمر –رضي الله عنهما- إذا سلم على الرسول وصاحبيه لا يزيد غالبا على قوله : السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك يا أبا بكر ، السلام عليك يا أبتاه ، ثم ينصرف .
تعجب الخلق من دمعي ومن ألمي
وما دروا أن حبي صغته بدمي
منحت حبي خير الناس قاطبة
برغم من انفه لازال في الرغم
يكفيك عن كل مدح مدح خالقه
واقرأ بربك مبدا سورة القلم
شهم تشيد به الدنيا برمتها
على المنائر من عرب ومن عجم
ثم يأخذ ذات اليمين قليلا ، فيسلم على أبي بكر الصديق ويترضى عنه ، ثم يأخذ ذات اليمين قليلا فيسلم على عمر بن الخطاب ويترضى عنه ، وان دعا لهما بدعاء مناسب فحسن ، ولا يجوز لأحد أن يتقرب إلى الله بمسح
الحجرة النبوية أو الطواف بها، ولا يستقبلها حال الدعاء بل يستقبل القبلة ، ومن الأخطاء العظيمة رفع الأصوات عند قبره بالأدعية ظنا أن الدعاء عند قبره مزية ، وهذا خطا، لأنه لا يشرع الدعاء عند القبور ، ورفع الصوت عنده من الأخطاء التي نهى الله عنها ؛ ومن أراد أن يدعو الله تعالى فليستقبل القبلة ويدعو في المسجد لا عند القبر ، لان قبلة الدعاء هي الكعبة المشرفة .
ويُستحب لمن أتى المدينة أن يزور مقبرة البقيع ، ويدعو لهم بالدعاء المأثور لمن زار المقابر :" السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، وإنَّا إن شاء الله بكم لاحقون ، يرحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين ، نسأل الله لنا ولكم العافية ، اللهم لا تحرمنا أجرهم ، ولاتفتنا بعدهم ، واغفر لنا ولهم" . ]رواه مسلم[
وان احب أن يزور أُحُدا ليتذكر ما جرى للنبي وأصحابه في تلك الغزوة ، ثم يسلم على الشهداء مثل حمزة بن عبد المطلب عم النبي فلا باس بذلك .
ومما يزار في المدينة مسجد قباء لقوله :" من تطهّر في بيته ، ثم أتى مسجد قباء لا يريد إلا الصلاة كان له اجر عمرة تامة ". ] صحيح ابن ماجه للألباني : 1160 [
نصائح وتوجيهات عامة
احذر الرياء والشرك فهذا البيت منذ اللحظة الأولى لبنائه إنما أقيم على قاعدة التوحيد ، والغرض من إقامته هو عبادة الله تعالى وحده ، وإخلاص العمل له ، وقد أمر الله تعالى إبراهيم –عليه السلام- بتطهيره للطائفين والقائمين والركع السجود ، ليعبدوا الله تعالى وحده ولا يشركوا به شيئا : وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود.]الحج :26 [ ، وإبراهيم – عليه السلام- قد عُرِف في التاريخ بأنه رمز التوحيد ، وعدو الشرك ، ومحطم الأوثان ، وأبو الملة الحنيفية : ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين.] آل عمران : 67[
ولذلك فالحاج منذ اللحظة الأولى لدخوله في هذا النسك يعلن توحيده الخالص لله تعالى في أول كلمة يتلفظ بها :" لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، أن الحمد ، والنعمة ، لك والملك ، لا شريك لك ".
وقال :"إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم لا ريب
فيه نادى مناد : من كان أشرك في عمل عمله لله عز وجل ، فليطلب ثوابه من عند غير الله عز وجل ، فان الله أغنى الشركاء عن الشرك ".]رواه أحمد 3/66[
قال تعالى: قل أن صلاتي و نسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أُمرت وأنا أول المسلمين .]الأنعام : 162-163[
والمؤمن لا يتجه إلا إلى الله وحده ، فلا يجوز له أن يرائي أحدا ، أو يدعو أحدا من دون الله ، لا الأحياء ولا الأموات ، ولا يجوز له التبرك بالمقابر ، ولا التمسح بأضرحة الأولياء ، ولا دعاؤهم من دون الله ، ولا الذبح لغير الله ، ولا يصرف أي عمل من أعماله الظاهرة والباطنة إلا لله وحده ، قال تعالى: ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون.]الأنعام :88[
احذر من ضيق الخلق ، وسوء التعامل ، ومجالسة اللاهين .
الحجاج ضيوف الله ، فاحرص على حبهم وإكرامهم ليكرم الله نزلك .
احذر التهاون في مسائل الحج و، وإذا أشكل عليك أمر فاسأل من تتوسم فيه العلم والفضل ، واعلم أن
الدولة قد هيأت كبائن للإفتاء في كل مكان من البلد الحرام .
لا تنس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالتي هي أحسن ، وإسداء النصيحة لإخوانك .
لا تنس كثرة الذكر والدعاء ، فان الدعاء هو العبادة ، وان الذكر هو لب الدين وروح الإسلام ، وبه تُذكر في الملأ الأعلىفاذكروني أذكركم ، وقال : يقول تعالى :" أنا عند حسن ظن عبدي بي وأنا معه حيث ذكرني ، فان ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وان ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم " ، وقال تعالى: يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا ، وما أقيمت هذه الشعائر إلا لذكر الله ، وعن الدعاء يقول تعالى: وقال ربكم ادعوني استجب لكم . وقال تعالى: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون.]البقرة :186[ .وان أمة الإسلام اليوم في أمس الحاجة إلى الدعاء والرجاء والانطراح لرب الأرض والسماء ، ليفرج الله كربها ، ويكشف همها ، ويعيد عزمها ، ويجمع كلمتها ، وينصرها على من ظلمها .
هذه البلاد هي بلاد الحرمين ، وقبلة المسلمين ، في عزها ورفعتها رفعة للإسلام والمسلمين ، فلا تنسها من دعائك .. ادع الله لها ولولاة أمورها ولجميع بلاد المسلمين .
احذر من ذبح نسكك في غير الأماكن النظامية المخصصة لذلك ، لتضمن سلامتها وبعدها عن الأمراض ، ولكي لا تتسبب في تلوث البيئة .
احذر من الإلقاء بنفسك أو بمن معك إلى التهلكة وخاصة النساء ، فلا تزج بنفسك في الزحام الشديد ، ولاترم وقت الذروة ، وكذلك الطواف والسعي وغيرها ، بالإمكان تأخيرها حتى يهدا الزحام ، فما جعل الله عليك في الدين من حرج .
حاول أن تصحب معك بعض الأدوية العامة التي قد تحتاج إليها ، ومنها :
أ- خافض للحرارة ومسكن للألم والصداع .
ب- مضاد للسعال وطارد للبلغم .
ج- بعض الكريمات والمرطبات كالبودرة وغيرها وذلك لاستخدامها عند حدوث تسلخات في الجلد .
د- مواد التنظيف الضرورية لجسمك .
أكثر من شرب المياه والسوائل المختلفة .
احذر من التعرض للشمس الحارقة أو البرد .
احذر من الأكل إلا بعد التأكد من نظافته وسلامته .
احذر من إهمال حوائجك الشخصية من نقود وبطاقات وغيرها .
احذر من النوم في الطرقات وافتراش الأرصفة .
احذر من رمي النفايات والقمائم في غير أماكنها المخصصة لذلك ، واحترم هيبة المكان والزمان .
أدعية مأثورة
الله جل جلاله أُنْسُ المؤمن ، وسلوة الطائع ، وحبيب العابد ، والأنس به ثمرة المعرفة ، ونتيجة المحبة ، ودليل الولاية ، وبرهان العناية ، ومؤهل الرعاية .
إذا كان للناس أنس بما
ينالونه من متاع الحياه
فان سروري وأنسي بمن
هداني وسيّرني في رضاه
أسلّي فؤادي بآلائه
ولا أنحني لعظيمٍ سواه
إذا امتلأ القلب بجلاله تحلو الحياة ، وتعذب الدنيا ، وتستنير البصيرة وتنكشف الهموم ، وتهاجر الغموم ، ومن أَنس بالله أنس بالحياة ، وسعد بالوجود ، وتلذذ بالأيام ، قلبه مطمئن ، وفؤاده مستنير ، وصدره منشرح ، نُقشت محبة الله في قلبه ، وسكنت صفات الله في ضميره ، ومثلت أسماء الله أمام عينيه ، فهو يحفظ أسماءه ، ويتأمل صفاته ، ويستحضر في قلبه الرحمن ، الرحيم ، الجميل ، الحليم ، البر ، اللطيف ، المحسن ، الودود ، الكريم ، العظيم .. إلى غير ذلك من صفات الجلال وأسماء الكمال ،
فتثير أنسا بالباري ، وحبا للعظيم ، وقربا من العليم .
أن الشعور بقرب الله من عبده يوجب الأنس به ، والسرور بعنايته ، والفرح برعايته ، وإذا سالك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان .
الله تعالى غفور رحيم ، جواد كريم ، من تقرّب إليه شبرا تقرب إليه ذراعا ، ومن تقرب إليه ذراعا تقرب إليه باعا ، ومن أتاه يمشي أتاه هرولة ، فالباب مفتوح ، والمجال مفسوح ، والحبل ممدود ، والخير مبذول ، فأين الباحثون عن الأرباح ، وأين خُطَّاب الملاح ، أين عشاق العرائس ، وطلاب النفائس ؟!.
إليه وإلا لاتشد الركائبُ
ومنه وإلا فالمؤمل خائبُ
وفيه وإلا فالغرام مضيَّعٌ
وعنه وإلا فالمحدث كاذب
أن الدعاء ملاك الأمر، وروح العبادة، ومرضاة الرحمن، وملاذ الإنسان، ولبُّ الدين، وجوهر الإيمان.
سئل : أقريب ربنا فنناجيه ، أم بعيد فنناديه ، فسكت النبي فانزل الله تعالى: وإذا سألك عبادي
عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون .
وعن أبو موسى الأشعري –رضي الله عنه- قال : كنا مع النبي في سفر ، فكنا إذا أشرفنا على واد هللنا وكبّرنا وارتفعت أصواتنا ، فقال النبي :" يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ، انه معكم ، انه سميع قريب " . ]رواه البخاري :11/159[
أمر الله تعالى به ووعدنا بالإجابة عليه ادعوني استجب لكم ، وفي الحديث يقول تعالى :" يا ابن آدم واحدة لك وواحدة لي وواحدة بيني وبينك ، فأما التي لي فتعبدني ولا تشرك بي شيئا ، وأما التي لك فما عملت من شيء أو من عمل وفيتكه ، وأما التي بيني وبينك فمنك الدعاء وعليّ الإجابة ". ] مسند البراز :19 [
وهذه جملة من الأدعية الجامعة المقتبسة من القران الكريم ، والسنة المطهرة ، ومن كلام أئمة المسلمين وعلمائهم ، فان افضل الدعاء والذكر ما كان مأخوذا من كلام ربنا تبارك وتعالى ، ومن سنة نبينا
اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ، كما تحب ربنا وترضى ، حمدا لا ينقطع ولا يبيد ولا يفنى ، ملء سمواتك ، وملء أرضك ، وملء ما بينهما ، ملء ما شئت من شيء بعد ، عدد ما حمدك الحامدون ، وعدد ماغفل عن ذكرك الغافلون ، والصلاة والسلام على عبدك ورسولك محمد خاتم أنبيائك ورسلك ، وخيرتك من خلقك ، و أمينك على وحيك ، وعلى اله وصحبه أجمعين .
اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد أنت الحق ، ووعدك حق ، وقولك حق ، والنار حق ، والساعة حق ، والنبيون حق ، ومحمد حق.
اللهم لك أسلمت ، وعليك توكلت ، وبك آمنت ، واليك انبت ، وبك خاصمت ، واليك حاكمت ، فاغفر لي ماقدمت وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت ، أنت المقدم وأنت المؤخر ، لا إله إلا أنت ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
اللهم آت نفسي تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها ، أنت وليها ومولاها .
اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ، ومن قلب لا يخشع ، ومن نفس لا تشبع ، ومن دعوة لا يستجاب لها .
اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار ، ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين .
اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب.
اللهم لا تؤاخذنا أن نسينا أو أخطانا ، ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا ، ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به ، واعف عنا ، واغفر لنا ، وارحمنا ، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين .
ربِّ اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء ، ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب .
ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ، واجعلنا للمتقين إماما .
ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة انك لا تخلف الميعاد .
اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
اللهم اقسم لي من خشيتك ما تحول به بيني وبين معصيتك ، ومن طاعتك ما تبلغني به جنتك ، ومن اليقين ما تهوِّن به عليّ مصائب الدنيا ، ومتعني بسمعي وبصري وقوتي أبدا ما أبقيتني ، واجعله الوارث مني ، واجعل ثأري على من ظلمني ، وانصرني على من عاداني ، ولا تجعل الدنيا اكبر همي ، ولا مبلغ علمي ، ولا إلى النار مصيري ، واجعل الجنة هي داري ، ولا تسلط علي بذنوبي من لا يخافك ولا يرحمني ، برحمتك يا أرحم الراحمين .
اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني ، أنت الحي الذي لا يموت ، والجن والإنس يموتون .
اللهم اصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري ، واصلح لي دنياي التي فيها معاشي ، واصلح لي آخرتي التي إليها معادي ، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير ، واجعل الموت راحة لي من شر .
اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة ، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ، اللهم استر عوراتي ، وآمن روعاتي .
اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي ، وعن يميني وعن شمالي ، ومن فوقي ، وأعوذ بعظمتك أن اغتال من تحتي .
اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك .
اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك ، وتحول عافيتك ، ومن فجاءة نقمتك ، ومن جميع سخطك .
اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عني .
اللهم إني أسألك من خير ما سالك منه عبدك ونبيك محمد ، وأعوذ بك من شر ما استعاذك منه عبدك ونبيك محمد .
اللهم جنبني منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء والأدواء .
اللهم اغفر لي ذنوبي جميعا واهدني لأحسن الأخلاق ، لأهدي لأحسنها إلا أنت ، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت .
اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة ، وأسألك كلمة الحق في الغضب والرضا ، وأسألك القصد في الفقر والغنى ، وأسألك نعيما لاينفد ، وقرة عين لا
تنقطع ، وأسألك الرضا بعد القضاء ، وبرد العيش بعد الموت ، ولذة النظر إلى وجهك الكريم ، والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ، ولافتنة مضلة .
اللهم انقلني من ذل المعصية إلى عز الطاعة ، واغنني بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، يا حي يا قيوم ، ياذا الجلال والإكرام .
اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، ومن العجز والكسل ، ومن الجبن والبخل ، ومن المأثم والمغرم ، ومن غلبة الدين وقهر الرجال .
اللهم إني أعوذ بك من البرص والجنون والجذام ، ومن سيئ الأسقام .
اللهم رب السماوات والأرض ورب العرش العظيم ، ربنا ورب كل شيء ، فالق الحب والنوى ، منزل التوراة والإنجيل والفرقان ، أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت اخذ بناصيته .
اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ،
وأنت الباطن فليس دونك شيء. اقض عني الدين واغنني من الفقر .
اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي ، فاغفر لي فانه لا يغفر الذنوب إلا أنت .
اللهم إني أسألك فعل الخيرات ، وترك المنكرات ، وحب المساكين ، وان تغفر لي وترحمني ، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضي إليك غير مفتون .
اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء ، ودرك الشقاء ، وسوء القضاء ، وشماتة الأعداء.
اللهم يا مقلب القلوب ثبِّت قلبي على دينك ، اللهم يا مصرف القلوب والأبصار صرِّف قلبي على طاعتك .
اللهم إني عبدك ، وابن عبدك ، وابن أمتك ، ناصيتي بيدك ، ماضٍ فيَّ حكمك ، عدلٌ فيَّ قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحدا من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أن تجعل القران
العظيم ربيع قلبي ، ونور صدري ، وجلاء حزني ، وذهاب همي .
اللهم علمني منه ما جهلت ، وذكرني منه ما نسيت ، ورزقني تلاوته إناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عني برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ،اللهم إني أعوذ بك من المأثم و المغرم.
اللهم إني أسألك أن تبارك لي في نفسي ، وفي سمعي وبصري،وفي روحي ، وفي خلقي، وفي خُلقي ، وفي أهلي ، وفي محياي ، وفي مماتي ، وفي عملي ، وأسألك الدرجات العلا من الجنة.
اللهم احفظني بالإسلام قائما، واحفظني بالإسلام قاعدا، واحفظني بالإسلام راقدا،ولا تشمت بي عدوا ولا حاسدا.
اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب. اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد.
اللهم تقبل توبتي، واغسل حوبتي، وأجب دعوتي ، وثبت حجتي ، واهد قلبي ، وسدد لساني، اسلل سخيمة صدري ، يا أرحم الراحمين . لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
اللهم عليك توكلنا ، وإليك أنبنا ، إليك المصير ،ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أتن العزيز الحكيم.
الخـــــــاتمـــة
و في الختام : أخي المسلم … أختي المسلمة .. أنصح لنفسي و لك و لجميع المسلمين بالمبادرة إلى التوبة النصوح فإن كل ابن آدم خطاء ، و خير الخطائين التوابون ، قال تعالى : يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً [التحريم:8] وهو يحب التوابين و يحب المتطهرين و محمد وهو المغفور له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر يقول :" يا أيها الناس توبوا إلى الله و استغفروه ، فغني أتوب في اليوم مائة مرة"[أخرجه أحمد و مسلم] . و اعلم أن الله تعالى " يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار و يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل"[أخرجه أحمد و مسلم] ، و هو الذي ينادي عباده قائلاً : قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً ، وهو تعالى يفرح بتوبتك إذا تبت إليه .. فبادر بالتوبة ، و اقبل على ربك ، و توجه إليه و أنت في حرمه و بجوار بيته ، فاسأل ربك أن يعفو عنك ، و أن يقبل حجك ، و أن يتوب عليك .. إنه هو التواب الرحيم .
يا إلهي و من إليه اتجاهي
يا ربيع الأفكار الذكريات
يا ملاذاً تهفو البرايا إليه
و المرجى لفك أسر العناة
يا أنيسي و عدتي و اعتمادي
و ملاذي في ظلمة النائبات
و سروري و بهجتي و رجائي
و ضيائي في مدلج الحالكات
امح عنا صحائفاً من ذنوب
و اعف عنا يا غافر السيئات
نسأل الله تعالى أن يعيدك بحج مقبول ، و عمل صالح مبرور ، وسعي مشكور ، و ذنب مغفور ، كما نسأله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان ، و أن يحفظهم من كل سوء ، و أن يوفق ولاة أمورهم جميعاً لكل خير و فلاح ، و فوز و صلاح ، و أن يجمع كلمتهم على الحق و الخير و الهدى ، و أن يبارك في هذه البلاد ، ويديم عليها أمنها و أمانها ، و أن يوفق ولاة أمورها و يجزيهم خير الجزاء على ما يبذلونه لخدمة الدين و رعاية المسلمين ، وحسن ضيافة القاصدين ، و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ...
تأليف الدكتور
ناصر بن مسفر الزهراني
مكة المكرمة – ص.ب (5407)
فاكس (556489) – محمول (055622148)
ـ الفهرس ـ
الإهداء 3
أهلاً بك في مهبط الوحي 4
الحج المبرور 6
فضائل مكة المكرمة 8
من آيات الحج 15
من أحاديث الحج 15
روح الحج 17
أعظم من حج البيت 22
صفة الحج و العمرة 25
أولاً : الإحرام 25
أ ـ معنى الإحرام 25
ب ـ مكان الإحرام 25
جـ ـ وقت الإحرام بالحج 25
د ـ الأشياء التي يفعلها الحاج قبل الإحرام 25
هـ ـ أنواع النسك 27
1/ التمتع 27
2/ القران 27
3/ الإفراد 27
و ـ ما يقال عند الإحرام و بعده 28
ثانيا : ما يفعله الحاج عند وصوله مكة 29
1ـ ما يفعله المتمتع 29
2ـ ما يفعله القارن و المفرد 33
أعمال الحج و صفته 34
1ـ أعمال يوم التروية 34
2ـ الوقوف بعرفة و ما يفعل في هذا اليوم 35
مشاهد من عرفة 38
أ ـ حسن الخاتمة 38
ب ـ إكمال الدين 39
3ـ المبيت بمزدلفة 40
4ـ أعمال الحج في يوم العيد 41
أ ـ الرمي 41
ب ـ الهدي 42
جـ ـ الحلق أو التقصير 42
د ـ الطواف و السعي 42
تنبيهات لأعمال يوم العيد 43
موقف مع الحلاق 44
5ـ أعمال أيام التشريق 45
6ـ صفة رمي الجمار 46
7ـ طواف الوداع 48
من مخالفات الحج 49
زيارة المسجد النبوي 52
نصائح وتوجيهات عامة 56
أدعية مأثورة 61
الخاتمة 72
الفهرس 74
إهداء من
عبد المجيد بن عبد العزيز آل سعود
أمــيـــر مــنــطــقـــة مــكــة الــمــكــرمـــة
الإهــــــــداء
هذه وردة من بساتين الحب ، و نفحة من أزهار الود و ثمرة من غراس العلم ، و قطرة من زلال المعرفة ، و شذى من كرم الضيافة ، هدية إلى ضيوف الرحمن ، و باقة لإخوة الإيمان .
هذه رسالة لسان حالها ينادي :
أنا صوت من مهبط الوحي فيه
روعة الحق و ازدهار المكان
جئت علماً و حكمـة و قصيداً
و حـداءً و باقة من بيــان
في حروفي تألق من حراء
و صفاء من فيض ركن اليماني
و شفاء من زمزم و ضياء
أحمديٌ من مولد العدناني
-------------------------------
أهلاً بك في مهبط الوحي
الحمد لله ، و الصلاة و السلام على رسول الله .. و بعد :
أخي المسلم ، أختي المسلمة .. أحييكم بتحية الإسلام ، التحية الخالدة الرائدة التي تنبض بالحب و تفيض بالود ، و تعبق بالسلم .. فالسلام عليكم و رحمة الله و بركاته :
أخي الحاج .. جئت أهلاً ، و حللت سهلاً ، إلى مهبط لوحي ، و منبع الهداية ، و مهوى الأفئدة ، تحييك قلوبنا و مشاعرنا و أرواحنا ، تحييك مكة بجبالها و تلالها و سهولها و وديانها و شجرها و مدرها ، تحييك بلدك المملكة العربية السعودية حكومة و شعباً ، كما تحييك إمارة منطقة مكة المكرمة التي تتشرف بخدمتك و تسعى لراحتك ، و تبذل لطمأنينتك لا أغلى لدينا ضيفاً من ضيف الرحمن ، و لا أحب إلينا وفداً من وفد الديان .
ها أنت أخي الكريم من الله عليك فهداك و اجتباك ، ووفقك للإسلام ، و أعزك بالإيمان ، و يسرك للحج ، و هداك للعمرة ، لتحظى بضيافته , و تجني من فضله ، و تقطف من أثمار كرمه ، فأحمد الله أولاً و آخراً . ثم أعلم أننا إخوانك هنا في البلد الحرام قد جندنا أنفسنا ، و بذلنا قصارى جهدنا لنؤدي واجب الضيافة و نفوز بشرف الكرامة .
-------------------------------
أملنا رضوان الله تعالى و ذلك بتيسير طريقك و تسهيل أمرك و إعانتك على أداء نسكك ، امتثالاً لمراد الله جل و علا حيث أمر أبا الأنبياء عليه السلام بقوله : { و إذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئاً و طهر بيتي للطائفين و القائمين و الركع السجود } و نحن لنا فيه أسوة حسنة فإن تمت الأمور على ما نريد فالحمد لله أولاً و آخرا و إن طرأ قصور فنستغفر الله تعالى ثم نعتذر إليك آملين منك ألا تتردد في إبداء ملاحظاتك و إسداء مرئياتك التي ستجد قلوباً واعية و آذان صاغية .
و إنه ليسرنا أن نهدي إليك بعض الفوائد القيمة و النصائح الموجزة ، إضافة إلى شرح مبسط لأعمال الحج و العمرة ، من خلال هذه الرسالة اليسيرة المعطرة بأريج الحب ، المجللة بعبير الصدق .
وفقنا الله و إياك ، و تقبل منا و منك ، إنه سميع مجيب ، رحيم قريب و الله يحفظكم و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
أخـــوكم
عبد المجيد بن عبد العزيز آل سعود
-------------------------------
الحج المبرور
الحج المبرور ... قصد الكريم ، و إرادة العظيم ، و صفاء النية وسلامة الهدف ، و وضوح الرؤية و إخلاص العمل له جل و علا .
الحج المبرور ... النفقة الحلال و البعد عن الجدال ، و بذل الحقوق و ترك الفسوق و الترفع عن العبث و هجر الرفث ، و لزوم الأدب و حسن الخلق و الالتزام النظام ، و تجنب الغوغاء .
الحج المبرور ... جمال الاتباع ، و روعة الاقتفاء ، و تلمس السنة ، و الأخذ عن الحبيب ، و البعد عن المخالفة ، و الحذر من البدعة .
الحج المبرور ... اللهج بالدعاء ، و الإلحاح في الرجاء ، و الكثرة للذكر ، و التأمل في الوحي ، و التدبر للقرآن ، و الإقامة للصلاة .
الحج المبرور ... رد المظالم ، و بذل المكارم و أداء الأمانات .
الحج المبرور ... التوبة من الذنب ، و الندم على المعصية ، و البكاء على الخطايا ، و العزم على الإقلاع .
-------------------------------
الحج المبرور ... زم النفوس عن الهوى و كبح الجوارح عن الخطأ ، و حفظ اللسان عن الخنا .
الحج المبرور ... تعظيم الشعائر و إجلال المكان ، و احترام الزمان ، و صيانة المثل ، و الإحسان إلى الناس .
الحج المبرور ... مرضاة للرب ، و غفران للذنب ، و رفعة للدرجة ، و محو للسيئات ، و طريق إلى الجنة .
و من حج فلم يرفث و لم يفسق رجع كيوم ولدته أمه .
-------------------------------
فضائل مكة المكرمة
هنا انبثاقة أنوار العلوم هنا
مهوى قلوبٍ و أرواحٍ و أنظارٍ
و من هنا خير من سارت به قدم
و خير هادٍ و مبعوث و مختار
هنا أتى الروح للمختار يأمره
اقرأ. فما أعظم المقروء و القاري
و عاد يرجف و التفكير في ذهل
إلى خديجة يشكو خوف أضراري
قالت له لن ترى ضيماً و لا كدرا
لا مكرم الضيف و المعدوم و الجر
فقام ينشر للدنيا هدايته
و أشرق الفجر من بوابة الغار
من مكة بعث النور ، و قام سوق العدل ، و نصب ميزان القيم ، و رفع منبر الحق ، و بزغ فجر الفضيلة .
وعلى رمالها حفر الشرك ، و على ثراها مزق الوثن ، و في أوديتها أزهق الباطل ، و على صخورها تحطم الكفر و الإلحاد.
بدأ التاريخ غضاً طرياً من مكة ، و وقوع نور السماء
-------------------------------
على بساط مكة فأشرقت النفوس ، و غردة المشاعر ، و هللت الأرواح ..
هنا نزلت الكلمة الطيبة ، و هنا هبطت : { اقرأ } ، نزل بها الروح الأمين على قلب سيد المرسلين ، فانفتح دفتر الكون ، و سجل قلم التاريخ ، و تحركت عجلة الكرامة .
صخر ومنه تفجرت شهب
و لهــا بكل منارة شعل
اقرأ تعالى الله قائلها
فإذا الجبال الصم تبتهل
هنا انشق القمر ليكون آية على صدق رسول الهدىفرأى العالم البدر فلقتين ، و هذا القمر المنير قسمين { اقتربت الساعة و انشق القمر } .
هنا بني البيت ، و حملت أحجاره على أكتاف عبدين صالحيين ، و نبيين صادقين : إبراهيم و إسماعيل ، و الهتاف : { ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم } .
هنا قصم عنفوان عدوان أبرهة ، و دحر جيشه و نكست أعلامه ، و خسأ فيله : { فجعلهم كعصف مأكول } .
هنا غار حراء و غار ثور ، و مسجد الخيف ، و منى ، و عرفة ، و مزدلفة ، و المحصب ، و الصفا و المروة ..
-------------------------------
هنا القصة الكبر، و الحدث الأهم ، نزول الوحي على الرسول : { نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين } .
من هنا كانت الرحلة العظيمة ، و السفر المبارك لمحمد إلى السماء ، حيث التقى العالم العلوي بالسفلي و البشر بالملائكة . { سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الذي باركنا حوله }.
هنا مكة المكرمة تعيش هانئة في ظلال التوحيد ، ناعمة في أحضان الشريعة ، ساكنة في وجدان المملكة .
مكة الطهر مأزر الحق منها
شع فجر التوحيد و الإيمان
يوم كان النبي يلقى صنوفاً
من نكال و فتنة و امتحان
و أتاه جبريل : مرني فإما
أن يبادوا أو يطبق الأخشبان
فيرد الرحيم رداً زكياً
بحروف من الرضا و الحنان
و أماني في كفه باسمات
و أريج التقوى و روح الجنان
-------------------------------
إن لهذه البلدة الحرام خصائص عظيمة و فضائل جليلة ، تربو عن الحصر ، و تزيد على العد ، و لكن نورد هنا إضافة لما سبق بعض الفضائل لنزداد لها تعظيماً و بها تعلقاً ، و إليها تشوقاً .
1ـ أن فيها ولد أبر مولود بأمته ، و أبرك وافد على قومه ، و أسعد رائد على عشيرته و منها بعث .
ولد الهدى فالكائنـات ضيــاء و فـــم الزمان تبتسم و ثنــــاء
2ـ أنها مهبط الوحي ، و مشرق النور ، و فجر الإسلام ، و قبلة الدنيا ، و مهوى الأفئدة .
3ـ أن فيها ماء زمزم الذي هو طعام الطعم و شفاء سقم ، الماء الذي جرى باسم الله تعالى .
4ـ أنه ليس فيها إلى دين الإسلام ، و لا يدخلها غير مسلم .
5ـ أنها أحب البقاع إلى الله كما أخبر المصطفى .
6ـ أن الله تعالى أخبر أنها بلدة مباركة ، و كذلك أخبر .
-------------------------------
7ـ أنها بلد الأمن و الأمان كما أخبر بذلك تعالى .
8ـ أن الله تعالى قد استجاب لدعوة إبراهيم ـ عليه السلام ـ لها بأن يجعل الأفئدة تهوي إليها ، و بأن يرزق أهلها من الثمرات و بأن يبعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياته و يزكيهم .
9ـ أن أكثر الأنبياء جاؤوا إليها ، و طافوا بكعبتها و ممن أتاها آدم ، و إبراهيم ، و إسماعيل ، و موسى ، و يونس ـ عليهم السلام ـ و غيرهم .
10ـ أنه لا يجوز حمل السلاح فيها إلى للضرورة .
11ـ أنه يحرم صيدها على جميع الناس ، بل و لا ينفر صيدها ، و يحرم قطع شجرها ن و لا تلتقط اللقطة فيها إلا لمن يعرفها .
12ـ أن الصلاة فيها مضاعفة بمائة ألف صلاة ، و كذلك الحسنات ، و الراجح أن الصلاة مضاعفة في كل مساجد مكة ، و ليس فقط في المسجد الحرام .
13ـ أن مجرد نية المرء من معصية فيها يعرض نفسه لغضب الله تعالى ، قال سبحانه : { و من يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم } .
-------------------------------
14ـ أنه ورد ذكرها في القرآن الكريم في آيات كثيرة مثل قوله تعالى : { إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مبارك و هدى للعالمين } . و قوله تعالى : { إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة التي حرمها } ن و أقسم الله تعالى بها كما في قوله : { لا أقسم بهذا البلد و أنت حل بهذا البلد } ، و قوله تعالى :{ و هذا البلد الأمين }.
15ـ أن فيها الكعبة قبلة المسلمين و هي أول بيت وضع للناس ، و فيها يقول تعالى : { جعل الله الكعبة البيت الحرام قيام للناس } ، و قال أيضاً : { قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام و حيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره }.
يروقني منظر البيت العتيق إذا
بدا لعيني في الإشراق و الطفل
كأن جبهته السوداء قد نسجت
من حبة القلب أو من أسود المقل
16ـ أن فيها الحجر الأسود الذي هو من الجنة و الذي يشهد لمن استلمه .
الحجر الأسود قبلته
بشفتي قلبي و كلي و له
لا لاعتقادي أنه نافع
بل لإقتدائي بالذي قبله
17ـ أن فيها مقام إبراهيم ـ عليه السلام ـ { و اتخذوا من مقام إبراهيم مصلى } .
18ـ أن الدجال سيطأ جميع البلدان إلا مكة ، فحينما يقدم إليها يخسف به و بمن معه قبل وصوله إليها .
-------------------------------
من آيات الحج
قال تعالى : { الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث و لا فسوق و لا جدال في الحج } .
و قال تعالى : { و لله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً و من كفر فإن الله غني عن العالمين } .
من أحاديث الحج
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : سمعت النبي يقول : " من حج فلم يرفث و لم يفسق رجع كيوم ولدنه أمه ". [ رواه البخاري ]
و عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن الرسول قال : " العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ، و الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " . [ متفق عليه ]
و عن عائشة رضي الله عنها قالت : يا رسول لله ، نرى الجهاد أفضل العمل ، أفلا نجاهد ؟ قال : " لكنّ أفضل الجهاد حجٌ مبرور " . [ متفق عليه ]
و عن جابر ـ رضي الله عنه ـ ، أن النبي قال :
-------------------------------
" أديموا الحج و العمرة ، فإنهما ينفيان الفقر و الذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد ".[ رواه الطبراني و صححه الألباني ]
و عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي قال : " الغازي في سبيل الله و الحاج و المعتمر وفد الله : دعاهم فأجابوه ، و سألوه فأعطاهم " . [ ابن ماجه و صححه الألباني ]
و عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله : " أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام فإن لك بكل وطأة تطؤها راحلتك يكتب الله لك بها حسنة ، و يمحو عنك بها سيئة ، وأما وقوفك بعرفة ، فإن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة ، فيقول : هؤلاء عبادي ، جاءوني شعثاً غبراً من كل فج عميق ، يرجون رحمتي و يخافون عذابي و لم يروني ، فكيف لو رأوني ؟ فلو كان عليك مثل رملٍ عالج ـ أي متراكم ـ أو مثل أيام الدنيا ، أو مثل قطر السماء ذنوباً عسلها الله عنك . و أما رميك الجمار فإنه مذخور لك ، و أما حلقك رأسك فإن بكل شعرة تسقط حسنة ، فإذا طفت بالبيت خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك ".[ الطبراني و حسنه الألباني ]
-------------------------------
روح الحـــج
الحــج : رحلة فريدة ، و سفر مقدس ، و سياحة ، مبجلة ، ينتقل المسلم فيها ببدنه و قلبه إلى البلد الأمين لمناجاة رب العالمين .
الحـج : رحلة سلام إلى أرض سلام ، في زمن سلام ، استجابة لنداء القدوس السلام .
ما أروعها من رحلة ، و ما أعظمه من منظر يأخذ بالألباب ، و يهز النفوس ، و يطرب المشاعر ، و يمتع الأرواح و يبث الأفراح .
هل رأيت لباساً قط أجل من لباس الحجاج و المعتمرين ؟
هل رأيت رؤوس أعز و أكرم من رؤوس المحلقين و المقصرين ؟
هل مربك ركبٌ أشرف من ركب الطائفين ؟
هكذا تتجلى روح المساواة و الأخوة الوحدة ، فتبدو جلية كالشمس ، ناصعة كالبدر .
وحدةٌ في المشاعر ، و حدةٌ في الشعائر ، و وحدةُ
-------------------------------
في الهدف ، و وحدةٌ في العمل ، و وحدة في القول ، لا إقليمية ، لا عنصرية ، لا عصبية للون أو جنس أو طبقة ، " لا فضل لعربي على أعجمي و لا أبيض على أسود إلا بالتقوى " .
أرى الناس أصنافاً و من كل بقعة
إليك انتهوا في غربة و شتات
تساووا فلا أنساب فيها تفاوت
لديك و لا الأقدار مختلفات
الحــج : ترك الديار ، و فراق الأهل ، و قصد الكريم ، و تذكر الرحيل ، و القدوم على بيت المنعم .
الحــج : منازلة إبليس ، و إرغام الطاغوت ، و اجتماع الأمة ، و تأكيد العهد ، و الاتفاق على الميثاق .
الحــج : تجديد للولاء ، و تصديق للتوحيد ن و تصفية للعقيدة ، و تزكية للأرواح .
الإحرام : طرح الزينة ، و ارتداء الكفن ن و توحيد الزي ، و بياض اللباس ، و المنهج و الرسالة .
التلبية : نشيد الأحرار ، و حداء الرحلة ، و هتاف الخالدين ،
إنه تصميم على المواصلة و تجديد
-------------------------------
للنشاط ، و إعلان لانتصار الحق على الباطل ، و الرشاد على الغي .
الطواف : دوران حول الرمز الخالد ، و المثل الحية ، و استجداء ملح منا للكريم جل في علاه ، و تكرار للطلب ، و التفات إلى بيت الجواد المنان .
السعي : امتثال للأمر و إتباع للأم ( هاجر عليها السلام ) ، و ركض في طلب الرضا ، و سعي حثيث يذكر بالقرب من الغاية ، و تشمير لطلب الأجر ، و كدح لجمع الحسنات ، و حط السيئات ، و رفع للدرجات .
الوقوف بعرفة : التقاء الأرض بالسماء ، و العقل بالوحي ، و الفناء بالبقاء ، و اتصال الضعف بالقوة ، و الفقر بالغنى .
عرفــــة : حيث تساوي الرؤوس ، و إزهاق النعرات ، و قتل الكبرياء ، و ذبح الشرك على الصعيد .
عرفــــة : حيث العتق من النار ، و المباهاة بالحجاج ، و التفرغ للذكر و الدعاء .
الــرمـي : قذف الباطل ، و رجم الضلال ، و سحق الغواية .
-------------------------------
الحلق : تفاؤل بحط السيئات ، و خلع لرداء الذنب ، و انسلاخ من قميص الإثم ، و تجرد من الماضي ، و توبة من الفائت .
النحر : تضامن مع إبراهيم ، و مواسم للقرابين ، و شكر على درء القتل عن إسماعيل ، و ضيافة بمناسبة فرح الخليل ، و إهراق للدماء في سبيل الله ، و مهرجان للفقراء .
في الحج تنظم المشاعر رعشة
و يذوب من خفقانه الوجدان
في الحج تكتنف المحاجر عبرة
حرّي ، و تلهب خدها الأجفان
في الحج أشوق سمت عن غاية
دنيا ، فغاية شوقها إحسان
هذي النفوس على البياض نقية
بيضاء لا فتن و لا أضغان
هذا البياض تراه قد غمر المدى
تزهو بصفو بياضه الأبدان
هذي المشاعر بالخيام حفية
يجد الحفاوة عندها السكان
تعلو على كل القصور منيفة
بالمترفات ، و يقصر البنيان
لم يبق من زمن يلذ لصاحب
إلا هنا ، حيث الزمان أمان
ذابت لغات الأرض في لبيك إذ
تعلو ، و ذابت ثمة الألوان
أعظم من حج البيت
محابر و سجلات و أندية
و أحرف و قوافي كن في صمم
نفضت عنها الغبار الذل فاتقدت
و أبدعت و روت ما قلت الأمم
و جئت يا منقذ الإنسان من خطر
كالبدر لما يجلي حالك الظلم
محمد لم يحج إلا حجة واحدة هي حجة الوداع ، قدم إلى مكة و معه أكثر من مائة ألف صحابي كلهم يهتفون بالتلبية بين يديه .. يا الله !! مكة الآن ترتدي حلة جديدة ، و تكتسي ثوباً قشيباً ، و تستقبل فجراً جديداً ، هذه رمالها تعانق أطهر أقدام وطئتها ، و هذه جبالها تباهي بأعظم أبطال نازعوها شموخها ، و هذه و هادها تعطر جنباتها بهتاف أزكى أرواح مضت عليها ، يقبل ص للحج بعد أن شيد معالم الدين ووطد أركان التوحيد ، و أقام صروح الإيمان ، يقبل في موكب ما عرفت الدنيا له نظيراً ، و ما أبصر التاريخ له مثيلاً .
علمت الجزيرة بوجهة النبي للحج فدفعت بفلذات أكبادها ، و أقبلوا يدفعهم الشوق ، و يقودهم
الحب ، و يحدوهم الأمل ، كل منهم يتمنى أن يكحل عينيه برؤية ذلك الحاج الذي ما حج البيت مثله ، و ما أشرقت الشمس على أفضل منه ، خير الموحدين ، و أصدق الملبين ، و أزكى الحجاج و المعتمرين .
يا الله ما أسعده من موكب ، و ما أطهره من وفد ، وما أجله من حشد ، و ما أحسنه من ركب ، و ما أروعهم من حجيج ، الزمان يزدهر ، و الأيام تحتفل و الأرض في طرب ، و الأرجاء تتقد ، و التاريخ يسجل !! اسرح بخيالك ، حلّق بفكرك ، انتقل بوجدانك ، تخيّل ذلك المشهد الأجلّ ، ثم تخيل نفسك لو كنت أحد أفراد تلك الرحلة المباركة ن تلثم جبين النبي و تتأمل قسمات وجهه ، و تصافح أبا بكر ، و تعانق عمر ، و تتحدث إلى عثمان ، و تتسع إلى علي !! .
إنها أمينة عظمى ، و رغبة كبرى ، و إن لم تظفر بها في الدنيا فأبشر بها في الآخرة ، إذا مضيت على نهجهم ، و اقتفيت أثرهم ، و تضلعت بحبهم ، فإن المرء يحشر مع من أحب .
و ها أنت الآن تسير على الطريق ، و تمضي على المنهج ، أسأل الله أن ينير قلبك و ييسر دربك ..
أكرم بخلق نبي زانه خلق
بالحق مشتمل بالبشر متسم
كالزهر في ترف و البدر في شرف
و البحر في كرم و الدهر في همم
جاءت لدعوته الأشجار ساجدة
تمشي إليه على ساق بلا قدم
يا ربِّ أزكى صلاة منك دائمة
على النبي بمنهلٍّ و منسجم
ما رنّحت عذبات البان ريح صبا
و أطربت نغمات الآي من أمم
صفة الحــــــج و العمــــــــرة
هذه صفة الحج و العمرة بإيجاز مفيد بعيدةً عن التطويل و التعقيد و الآراء ، بل هي مستقاة من هدي النبي القائل : " خذوا عني مناسككم " .
أولا : الإحــــــــــــــــــــرام :
أول أعمال الحج و العمرة هو : الإحرام .
أ ـ معنى الإحرام : هو أن تنوي الدخول في النسك الذي تريده ، فإذا نويت الدخول فيه فقد أحرمت ، حتى و لو لم تتلفظ بشيء .
ب ـ مكان الإحرام : و هي المواقيت و الأمكنة التي عينها النبي ليحرم منها من أراد الحج أو العمرة ، و هي خمسة معروفة مشهورة .
ج ـ وقت الإحرام بالحج : هو الأشهر التي ذكرها الله تعالى بقوله : { الحج أشهر معلومات .. } ، و هي شوال ، و ذو القعدة ، و عشرة أيام من ذي الحجة .
د ـ الأشياء التي يفعلها الحاج قبل الإحرام :
1 ـ أخذ ما يحتاج إلى أخذه ؛ من تقليم الأظافر و قص
الشارب ، و أخذ شعر الإبطين ، و شعر العانة .
2 ـ الاغتسال لجميع البدن ، و هو ليس بواجب ؛ لأنه سنًّة في حق الرجال و النساء حتى النفساء و الحائض .
3 ـ الرجل يخلع جميع الملابس المخيطة ، و يلبس إزاراً و رداءً ، و يستحب أن يكونا أبيضين نظيفين .
أما المرأة فتخلع ما على وجهها من برقع و نقاب مما خيط للوجه خاصة ، و تجعل مكانه خماراً تغطي به رأسها و وجهها عن الرجال غير المحارم .
و كذلك يلزم المرأة عن الإحرام أن تزيل ما على كفيها من القفازين ( الكفوف ) . و أما ما عدا النقاب و البرقع و القفازين فلا تمنع من لبسه مما جرت عادتها بلبسه و لم يكن فيه زينة ملفتة للنظر . و لا يتعين لون خاص لثياب الإحرام في حق المرأة .
4 ـ بعد الاغتسال يتطيب في بدنه فقط بما تيسر ، و لا يطيب ملابس الإحرام ، و المرأة تتطيب بما لا يظهر ريحه ظهوراً كثيراً .
ثم بعد ذلك يصلي الرجل و المرأة - غير الحائض و النفساء - الفريضة إن كان وقت فريضة ، و إلا صلى
المحرم ركعتين ينوي بهما سنة الوضوء ، و ليس هناك ركعتان خاصتان بالإحرام ، ثم إذا فرغ من الصلاة نوى الإحرام بعد ذلك .
هـ ـ أنواع النسك التي يحرم الحاج بأيها شاء :
أنواع النسك ثلاثة : ( تمتع – قران – إفراد ) .
1 - التمتع : و هو أن تنوي الإحرام بالعمرة في أشهر الحج من الميقات ، و إذا أديت مناسكها حللت من إحرامك ، ثم تحرم بعد ذلك من مكة بالحج – في اليوم الثامن – و التمتع هو أفضل الأنساك على الصحيح لقوله : (( لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدى و لجعلتها عمرة )) . و يكون على المتمتع طواف و سعي للعمرة ، و طواف و سعي للحج ، و عليه هدي .
2 – القران : هو أن تحرم بالعمرة و الحج معاً من الميقات ، أو تحرم بالعمرة ثم تدخل عليها الحج قبل الشروع في طوافها ، و تبقى في إحرامك إلى أن ترمي الجمرة يوم العيد و تحلق رأسك ، و تهدي كالمتمتع .
3 – الإفراد : و هو أن تحرم بالحج فقط من الميقات ، و تبقى في إحرامك إلى أن ترمي الجمرة يوم العيد ، و تحلق رأسك ، و لا هدي عليك . و المفرد و القارن ليس
عليهم إلا سعي واحد .
و سيأتي تفصيل ما يتعلق بأنواع النسك ، و ما يفعل كل ذي منسك منها .
و ـ ما يقال عند الإحرام و بعده :
1 – المتمتع : يستحب أن يقول : اللهم إني أريد الإحرام بالعمرة متمتعاً بها إلى الحج فيسرها لي و تقبلها مني .
2 – القارن : يقول اللهم إني أريد الإحرام بالحج ، أو لبيك اللهم عمرة و حجاً .
3 – المفرد : يقول اللهم إني أريد الإحرام بالحج ، أو لبيك اللهم حجاً .
لبيك .. فاح الكون من نفحاتها
و تعطرت منها ربوع الوادي
لبيك .. فاض الوجد في قسماتها
و تناثرت فيها طيوف وداد
لبيك .. فاتحة الرحيل و صبحه
هلا سمعت هناك شدو الشادي
هذا الرحيل إلى ربوع لم تزل
تهدي إلى الدنيا براعة هاد
إذا كان المحرم يحس بمرض أو يخشى أن يعوقه عائق
عن أداء النسك فله أن يشترط فيقول عند الإحرام : ( فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني ) ، فإذا لم يتمكن من إتمام حجه يحل و لا شيء عليه .
و بعد أن ينوي الإحرام يبدأ بالتلبية بصيغتها المعروفة : (( لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد ، و النعمة ، لك و الملك ، لا شريك لك لبيك )) يرفع يرفع الرجل بها صوته ، و المرأة تخفض صوتها بها .
ثانياً : ما يفعله الحاج عند وصوله إلى مكة :
يا مكة الخير يا أرض المسرات
يا مشرق النور يا مهد النبوات
يا درة في جبين الكون ساطعة
و يا عبيراً لأرواح زكيات
و كيف لا ننتشي شوقاً إلى بلد
نهفو له كل يوم خمس مرات
1 - ما يفعله المتمتع :
إذا وصلت أخي الحاج إلى مكة المكرمة و كنت متمتعاً فإنك تقوم بأداء مناسك العمرة ، و حينما تصل إلى المسجد
الحرام ينبغي أن تبدأ الدخول فيه مقدماً رجلك اليمنى قائلاً : (( بسم الله ، و الصلاة و السلام على رسول الله ، اللهم اغفر لي ذنوبي ، و افتح لي أبواب رحمتك ، أعوذ بالله العظيم ، و بوجهه الكريم ، و بسلطانه القديم ، من الشيطان الرجيم )) . ثم تتقدم إلى الحجر الأسود لتبتدئ الطواف فتسلم الحجر بيدك اليمنى و تقبله إذا تيسر ذلك ، فإن لم يتيسر لك استلامه و تقبيله فإنك تستقبله و تشير إليه بيدك ، وكن حذراً من مزاحمة الناس و إيذائهم من أجل تقبيل الحجر الأسود ، فقد قال لعمر بن الخطاب : (( أنت رجل قوي لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف ، إن وجدت خلوة فاستلمه و إلا فاستقبله و هلل و كبّر ))
ثم تقول عند استلام الحجر : (( بسم الله ، الله أكبر )) ، (( اللهم إيماناً بك ، و تصديقاً بكتابك ، و وفاءً بعهدك ، و اتباعاً لسنة نبيك ص )) .
وكل شوط من أشواط الطواف يبدأ بالحجر الأسود وينتهي عنده .
أما الركن اليماني فإنك تستلمه من غير تقبيل ، و إن لم تتمكن من استلامه تمضي من غير أن تشير إليه ، و الدعاء
المأثور في الطواف هو فقط ما يقال بين الركن اليماني و الحجر الأسود : (( ربنا آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النار )) .
وهكذا كلما مررت بالحجر الأسود تكبر ثم تدعو بما تشاء ، أو تذكر الله تعالى بما تحب ، أو تقرأ من القرآن ما تريد .
و يستحب في طواف القدوم و طواف العمرة أمران :
الأول : الاضطباع ، و هو أن يخرج الرجل كتفه الأيمن من ابتداء الطواف إلى انتهائه .
الثاني : الرمل : في الأشواط الثلاثة الأولى فقط ، و الرمل هو المشي مع تقارب الخطا .
أخي الحبيب .. يا ضيف السميع المجيب : إذا أتممت الطواف سبعة أشواط فأقرأ : { و اتخذوا من مقام إبراهيم مصلى } ثم تقدم إلى مقام إبراهيم ، ثم صلي ركعتين خلفه إذا أمكن ، فإن لم تستطع ففي أي مكان من الحرم ، تقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة : { قل يا أيها الكافرون } : و في الثانية : { قل هو الله أحد } بعد الفاتحة أيضاً ، و لا تصل هاتين الركعتين أو غيرهما و أنت مازلت مضطبعاً ( أي مكشوف الكتف ) فهذا منهي عنه في الصلاة .
ثم تنطلق بعد ذلك و يستحب أن تشرب ماء زمزم حتى ترتوي تماماً ، و تغسل بالماء رأسك ثم تخرج إلى المسعى ، و تسعى بين الصفا و المروة سبعة أشواط ـ و هذا سعي العمرة ـ تبدأ الشوط الأول من الصفا وتنهيه بالمروة ، و تبدأ الشوط الثاني بالمروة و تنهيه بالصفا .
و إذا دنا المحرم من الصفا قرأ : { إن الصفا و المروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطّوف بهما و من تطوع خيراً
فإن الله شاكر عليم }.
ثم يرقى على الصفا حتى يرى الكعبة إن أمكن ، فيستقبلها ، و يحمد الله ثلاثاً و يكبره ثلاثاً و يدعو ما شاء أ، يدعو ، و كان من دعاء النبي ص هنا : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك و له الحمد ، و هو على كل شيء قدير . لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، أنجز وعده و نصر عبده و هزم الأحزاب وحده " ، و يكرر ذلك ثلاث مرات ، و يدعو بين ذلك .
ثم تنزل من الصفا إلى المروة مشياً ، فإذا بلغت العلم الأخضر تركض ركضاً شديداً حتى تصل إلى الآخر ـ إلا النساء ـ فإذا وصلت المروة تصعد عليها و تصنع مثل ما صنعت على الصفا ، و تقول ما قلته هناك ، فإذا أتممت
سبعة أشواط تذهب فتقصر من جميع شعر الرأس ، و لا تحلق رأسك إلا إذا كان هنالك مدة بين العمرة و الحج يمكن أن ينبت الشعر فيه ، و قد أمر ص أصحابه في حجة الوداع أن يقصروا للعمرة ، و لم يأمرهم بالحلق ، لأن قدومهم كان صبيحة الرابع من ذي الحجة ، أما المرأة فإنها تقصر من شعرها قدر أنملة .
2ـ ما يفعله القارن و المفرد :
إن كنت عند وصولك إلى مكة قارناً أو مفرداً فإنه يستحب لك أن تطوف للقدوم سبعة أشواط ، تصلي بعدها ركعتي الطواف ، ثم إن شئت أن تقدم سعي القران إن كنت قارناً ، أو سعي الحج إن كنت مفرداً ، فتسعى بعد طواف القدوم ، جاز لك ذلك ، و لك تأخيره ، فتسعى بعد طواف الإفاضة ، ثم تبقى بعد طواف القدوم في إحرامك من الميقات إلى يوم العيد .
أعمال الحــج و صفـتــه
كأنني برسول الله مرتديا
ًًًًً
ملابس الطهر بين الناس كالقمر
نور و عن جانبيه من صحابته
فيالق و ألوف الناس بالأثر
ملبياً رافعاً كفيه في وجل
لله في ثوب أواب و مفتقر
مرنماً في جلال الحق تغلبه
دموعه مثل وبل العارض المطر
تبدأ أعمال الحج من اليوم الثامن ، و هو المسمى يوم التروية
1ـ أعمال يوم التروية : في هذا اليوم يسحب للمتمتع الذي حل من عمرته أن يحرم بالحج ضحىً ، فيفعل قبل إحرامه بالحج مثل ما يفعل قبل إحرامه بالعمرة من الغسل و الطيب و الصلاة ، ثم يحرم للحج من المكان الذي هو نازل فيه ، أما القرن و المفرد فلا يزالان في إحرامهما من الميقات ، و يخرج الجميع إلى منى قبل الظهر ، و يصلون الظهر و العصر و المغرب و ا لعشا ء كل صلاة في وقتها ، مع قصر الرباعية إلى ركعتين ، ويبيتون بمنى ليلة
التاسع ، و يصلون الفجر فيها ، و المبيت بمنى في تلك الليلة سنة فلو تركه الحاج فلا شيء عليه .
و من كان نازلاً في منى قبل يوم التروية فإنه يحرم يوم التروية من منى ضحى كغيره .
2ـ الوقوف بعرفة و ما يفعل في هذا اليوم : إذا طلعت الشمس يوم عرفة سار الحجاج إلى عرفة بسكينة و وقار و تلبيه – و من كان في أي مكان آخر بغير منى فإنه يحرم من مكانه حتى لو كان موجوداً بعرفة ؛ كالموظفين و العمال و غيرهم .. فإنه يحرم من عرفة إذا لم يتمكن من الذهاب إلى منى يوم التروية – فينزل الحاج بنمرة إلى الزوال إن تيسرله ، و إلا فلا حرج ؛ لأن النزول بنمرة سنة ، فإذا زالت الشمس صلى الله عليه وسلم الظهر و العصر جمعاً و قصراً ركعتين ركعتين جمع تقديم كما فعل رسول الله ليطول وقت الوقوف الدعاء ، ثم يتفرغ الحاج بعد الصلاة للذكر و الدعاء و التضرع إلى الله عز وجل ، ويدعو بما أحب رافعاً يديه مستقبلاً القبلة ، و كان أكثر دعاء النبي في ذلك الموقف العظيم : (( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، و هو على كل شيء قدير )) ، و هي أفضل الدعاء ، و أفضل ما قاله الأنبياء ، و السماوات السبع
و الأرضين لو كانت في كفه و لا إله إلا الله في كفه لمالت بهن لا إله إلا الله .
و لا تنس أخي المسلم أن الحج عرفة ، و أن الشيطان ما رؤي أدحر و أحقر منه في هذا اليوم ، و أن الله يباهي بعباده ملائكته ، و أنه أكثر يوم يعتق الله فيه رقاب عباده من النار .
اقتد بنبيك الذي مكث من بعد الظهر إلى غروب الشمس يدعو الله تعالى و يناجيه ، مع أنه المغفور له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر .
و قلم في عرفا ت الله ممتطيا
قصواءه يا له من موقف نضر
تأمل الموقف الأسمى فما نظرت عيناه
إلا لأمواج من البشر
فــيــــنحـــــني شــــــاكــــرا ً لله مـنتــــه
و فضله من تمام الدين و الظفر
يشدو بخطبته العصماء ذاكية
كالشهد كالسلسبيل العذب كالدرر
مجلياً روعة الإسلام في جمل
من رائع من بديع القول مختصر
داعٍ إلى العدل و التقوى و أن بها
تفاضل الناس لا بالجنس و الصور
مبيناً أن للإنسان حرمته
ممرغاً سيئ العادات بالمدر
يا ليتني كنت بين القوم إذ حضروا
ممتع القلب و الأسماع و البصر
و أنبري لرسول الله ألثمه
على جبين نقي طاهر عطر
أقبل الكف كف الجود كم بذلت
سحاء بالخير مثل السلسل الهدر
ألوذ بالرحل أمشي في معييته
و أرتوي من رسول الله بالنظر
أسر بالمشي لو طال المسير بنا
و ما انقضى من لقاء المصطفى و طري
أمـــا الـــرداء الذي حـــج الحـــبيب بـــه
يا ليته كفن لي في دجى الحفر
و عرفة كلها موقف إلا بطن عرنة ، كما قال ، و من أصابه الملل أو التعب و أراد أن يستجم بالتحدث مع أصحابه بالأحاديث النافعة ، أو قراءة ما تيسر من الكتب المفيدة ، أو غير ذلك من شغل الوقت بما يفيد فلا حرج في ذلك ،
ثم يعود بعد ذلك إلى التضرع و اغتنام بركة هذا الموقف العظيم ، فإذا غربت الشمس ينصرف الحجاج إلى مزدلفة ، و من انصرف قبل الغروب و خرج من عرفة وجب عليه الرجوع إليها ، و البقاء إلى الغروب ، فإن لم يرجع أثم وعليه الفدية .
و ينبغي أن يسود الحجاج أثناء انصرافهم من عرفة السكينة و الوقار ، و أن يشتغلوا بالتلبية و الاستغفار .
مشــاهــد من عــرفــة :
أ- حسن الخاتمة :
بينما رسول الله واقف بعرفة يدعو ربه و يتضرع إليه ، و ينطرح بين يديه ، و يتلذذ بمناجاته ، بينما هو كذلك إذا بأصوات تتردد هنا وهناك ، و إذا بالناس يزدحمون حول رجل من الحجاج ، فيسأل القائد الأعظم الذي كان يعيش هموم الأمة عن الخبر ، فيقال له : رجل فقير و قصته الدابة فمات . فبادر إليه فأمرهم أن يغسلوه و يكفنوه إلا في ثوبيه ( ثوبي الإحرام) . قال " اغسلوه بماء و سدر ، و كفنوه في ثوبيه ، و لا تخمروا رأسه فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبياً " . [رواه مسلم]
ب- إكمال الدين :
جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب فقال : يا أمير المؤمنين إنكم تقرؤون آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً ، قال عمر : و أي آية ؟ قال : قوله : اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام ديناً ، فقال عمر : و الله إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه على رسول الله ، و ا لساعة التي نزلت فيها على رسول الله ، عشية عرفة في يوم جمعة .
تأمل معي أخي الكريم تلك الآية البديعة التي مرت بنا . انظر إلى روعة التعبير ، انظر إلى اختيار الكلمات ؛ كل كلمة في مكانها المناسب : أكملت ، وأتممت ، ورضيت .
انظر إلى الإيجاز الذي بلغ حد الإعجاز !! في هذه الآية يمتن الله تعالى على نبيه بهذه المنن العظيمة ، فتأمل حقيقة المنة في قوله : وأتممت عليكم نعمتي أي نعمت هذه التي أتمها الله على نبيه ؟! أي نعمة و قد كان ينام على الحصير حتى أثر في جنبه ، أي نعمة و قد كان يمر الشهر و الشهران و لم يوقد في بيته نار ؟! أي نعمة و قد كان يربط الحجر على بطنه من الجوع ؟! أي نعمة و قد مات
و درعه مرهونة عند يهودي في ثلاثين صاعاً من شعير ؟! . أي نعمة هذه التي يمتن الله تعالى بإتمامها على نبيه ؟!! .
لعلك عرفت الآن أنها النعمة الحقيقة التي لا تعدلها نعمة ، والمنة التي لا يوازيها منة ؛ إنها نعمة الإسلام ، نعمة الإيمان ، نعمة التوحيد ، نعمة لا إله إلا الله محمد رسول الله .
3ـ المبيت بمزدلفة : إذا وصل الحجاج إلى مزدلفة فإنهم يصلون المغرب و العشاء جمعاً بأذان واحد و إقامتين مع قصر صلاة العشاء إلى ركعتين ، ثم ينزلون و يبيتون بها ، فإذا انتصف الليل جاز للضعفة من النساء و الصغار و الكبار و من يحتاجون إليهم من لأقوياء لخدمته ، جاز لهم الدفع من مزدلفة إلى منى ، أما الأقوياء الذين ليس لهم معهم ضعفة فالأحوط في حقهم إكمال المبيت إلى الفجر ، فإذا تبين الفجر يصلون الفجر في أول وقته ، ثم يشتغلون بالدعاء و التضرع إلى الله إلى قرب طلوع الشمس ، و إذا تيسر الوقوف بالمشعر الحرام و الدعاء عنده فحسن ، و إذا لم يتيسر فيدعون في أي مكان ، لقوله : " و قفت هنا و مزدلفة كلها موقف ".
فإذا أسفر جداً يدفع الحجاج إلى منى قبل طلوع
الشمس ، و لا يجوز الدفع من مزدلفة قبل منتصف الليل ، فمن انصرف قبله أثم و لزمته فدية ؛ لأن المبيت بها واجب من واجبات الحج .
4ـ أعمال الحج في يوم العيد :
الرمي – الهدي – الحلق – الطواف و السعي .
أ- الرمي : إذا دفع الحجاج من مزدلفة إلى منى فإنهم يأخذون و هم في طريقهم إلى منى أو عند وصولهم إليها سبع حصيات لرمي جمرة العقبة ، كل حصاة أكبر من حبة الحمص بقليل – أو بقدر نواة التمر تقريباً – فإذا وصلوا إلى منى رموا جمرة الكبرى – جمرة ا لعقبة – و هي الأخيرة مما يلي مكة ، فترمى بسبع حصيات متعاقبات يرفع يديه مع كل حصاة ، و يقول : " الله أكبر " ، و احرص أن تقع كل حصاة في حوض ا لجمرة ، سواء استقرت فيه أو خرجت منه بعد ذلك ، و ليس شرطاً أن تضرب الحصاة في الشاخص ( العمود ) .
و رمي جمرة العقبة يبدأ من منتصف ليلة العاشر ، و يستمر إلى غروب الشمس من يوم العاشر ، و يجوز مع كثرة الزحام استمرار الرمي إلى ليلة الحادي عشر ، و الأفضل للأقوياء أن يرموا بعد طلوع الشمس من يوم العاشر .
ب- الهدي : بعد رمي جمرة العقبة يذبح الهدي من كان عليه الهدي ، و هما المتمتع و القارن ، و وقت الذبح يبدأ بعد طلوع الشمس من يوم العيد ، و يستمر إلى غروب الشمس من اليوم الثالث عشر – أي يوم العيد و ثلاثة أيام بعده – و يستحب أن يأكل من هديه ، و يهدي ، و يتصدق ، وله أن يدفع قيمة الهدي لدى المصارف المخصصة لذلك ، و هم يقومون بالهدي نيابة عنه .
ج - الحلق و التقصير : بعد ذبح الهدي يحلق الحاج رأسه أو يقصر من جميعه ، فلابد أن يعم التقصير جميع الرأس ، أما المرأة فإنها تقصر من شعرها قدر أنملة من كل ضفيرة ، أو أن تجمع الشعر إن لم يكن لها ضفائر وتقص من رؤوسه قدر أنملة ، فإذا رمى الحاج جمرة العقبة يوم العيد ، وحلق رأسه أو قصره ، فبهذين الأمرين يعتبر قد تحلل التحلل الأول ، وجاز له جميع محظورات الإحرام إلا النساء ، فانه لايجوز له أن يباشر زوجته أو أن ينظر إليها بشهوة حتى يطوف بالبيت طواف الإفاضة .
د- الطواف والسعي : بعد الرمي وذبح الهدي والحلق أو التقصير ، يأتي ا لعمل الرابع من أعمال يوم العيد ، وهو الذهاب إلى المسجد الحرام إذا تيسر له في هذا اليوم ،
فيطوف طواف الإفاضة ، ويسعى بعده إن كان متمتعا ، أو كان الحاج قارنا أو مفردا ولم يسع بعد طواف القدوم .
والطواف في هذا اليوم افضل ، وللحاج تأخيره ، ووقته يبدأ من اليوم العاشر إلى آخر ذي الحجة ، والأفضل إلا يؤخره عن أيام التشريق ، ثم بعد الطواف والسعي يرجع إلى منى فيبيت فيها .
تنبيهات لأعمال يوم العيد :
أ- هذا اليوم يسمى يوم الحج الأكبر ، وذلك لان اغلب أعمال الحج فيه ، فهو يوم اكبر ، ومشهد اكبر ، واجر اكبر.
ب- ترتيب الأعمال في يوم العيد على النحو التالي :
الرمي – الذبح – الحلق أو التقصير – طواف الإفاضة والسعي بعده . ولو قدَّم بعضها على بعض فلا بأس بذلك .
ج- لا يجزئ في الهدي إلا ما يجزئ في الأضحية ؛ بأن تكون قد بلغت السن المحددة شرعاً . وأن تكون سالمة من العيوب .
د- من لم يقدر على تحصيل الهدي صام عشرة أيام : ثلاثة أيام منها في الحج ، والأفضل أن تكون قبل يوم عرفة ، ويجوز صيامها في أيام التشريق : الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر ، ولا يصوم يوم العيد ولا يوم عرفة ، ويصوم الباقي منعا إذا رجع إلى أهله .
موقف مع الحلاق :
لما أراد أن يحلق رأسه قال لمعمر بن عبدالله :" يا معمر ، الديك موسى "؟ قال : نعم يا رسول الله .قال : "سم الله واحلق رأسي" ، فأعطاه ميمنة رأسه الشريف ، فأخذ يحلق رأسه وهو يبتسم ويقول لمعمر :" أما رأيت رسول الله رأسه بين يديك والموسى في يديك " قال معمر : يا رسول الله ، والله إنها من نعم الله عليَّ أن احلق رأسك . فلما انتهى النصف الأول قال لأصحابه :" اقتسموه بينكم " فكادوا يقتتلون على شعره ، كل منهم يريد أن يحصل ولو على شعرة واحدة . ] رواه احمد: 6/4400 [وحق لهم ذلك الاقتتال على شعره ، انه شعر من راس سيد المرسلين الأولين والآخرين ، إنها شعرات من الرأس الذي ملأ الدنيا نورا وتوحيدا وعدلا ، إنها شعرات من الرأس
الذي أنقذهم من الضلالة وأخرجهم من الجهالة ، إنها شعرات من الرأس الذي ما تدنس بمعصية ، ولا تلطخ بخطيئة ، وما امتلأ بغير جلال الله وتوحيد الله وهداية الله .ثم قال لمعمر :" احلق النصف الآخر " فحلق النصف الآخر ، فقال : أين أبو طلحة الأنصاري ؟ فأتى أبو طلحة ، فقال له النبي :" خذ هذا الشعر كله " فبكى أبو طلحة من الفرح . ] رواه مسلم[
طفح السرور عليّ حتى إنني
من عظم ما قد سرني أبكاني
ويجب أن تعلم أن هذه من خصائص النبي ، ولا يجوز فعل ذلك مع غيره .
5- أعمال أيام التشريق : أيام التشريق هي اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة ، ويجب على الحاج أن يفعل في هذه الأيام أمرين:
أ- المبيت في منى ليالي تلك الأيام ، بأن يمكث فيها معظم الليل ؛ لان المبيت بها واجب من واجبات الحج ، ويجوز له أن يقضي النهار في مكة ثم يذهب
إلى منى في المبيت ، علما أن البقاء بمنى إذا كان متيسرا فهو الأفضل والأكمل .
ب ـ رمي الجمار الثلاث في تلك الأيام بعد زوال الشمس من كل يوم ، ويصلي كل صلاة في وقتها مع قصر الرباعية إلى ركعتين ولا يجمع ، ويمتد وقت الرمي إلى آخر الليل ولا حرج ، وأيام التشريق هي كما اخبر :" أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل ". ] أخرجه احمد و مسلم [
6- صفة رمي الجمار: في اليوم الحادي عشر إذا زالت الشمس ، أي تحركت من كبد السماء إلى جهة الغرب – اخذ معه إحدى وعشرين حصاة من المكان الذي هو نازل فيه ، أو من الطريق ، ثم يأتي الجمرة الصغرى ، وهي التي تلي منى ، فيرميها بسبع حصيات متعاقبات واحدة بعد الأخرى ، ويكبر مع كل حصاة ، ثم يتقدم قليلا ويدعو دعاءً طويلا بما أحب ، فان شق عليه طول الوقوف والدعاء دعا بما يسهل عليه ، ولو قليلا ليوافق السنة.
ثم والأفضل الجمرة الوسطى فيرميها بسبع حصيات متعاقبات يكبر مع كل حصاة ، ثم يأخذ ذات الشمال
فيقف مستقبلا القبلة رافعا يديه ، ويدعو دعاء طويلا إن تيسر له ,و إلا وقف بقدر ما يتيسر ,ولا ينبغي أن يترك الوقوف للدعاء؛لأنه سنة, وكثير من الناس يهمله,إما جهلا أو تهاوناً,وكلما أضيعت السنة كان فعلها ونشرها بين الناس آكد.
ثم يرمي جمرة العقبة بسبع حصيات متعاقبات يكبر مع كل حصاة,ثم ينصرف ولا يدعو بعدها.
ثم في اليوم الثاني عشر يفعل مثل ذلك تماماً بعد زوال الشمس .
ثم إن شاء في اليوم الثاني عشر بعد رميه الجمار أن يتعجل فيرحل من منى قبل غروب الشمس فله ذلك,و إن غربة عليه الشمس ليلة الثالث عشر قبل أن يرتحل فإنه يبيت بمنى تلك الليلة,ويرمي الجمار الثلاث بعد الزوال في اليوم الثالث عشر,وهذا يسمى بالتأخير,وهو أفضل من التعجيل, ويجوز للعاجز عن الرمي كالمريض والمرأة الحامل والطفل وكبير السن أن يوكل من يرمي عنه الجمرات , إذ غربت الشمس على الحاج وقد عزم الرحيل لكن تأخر بسبب الزحام أو غيره فلا يلزمه المبيت.
7- طواف الوداع:
يا راحـلا وجمـيل الصـبر يتبعه
هل من سـبيـل إلى لقـياك يـتفق
ما أنصـفتك دمـوعي وهي دامـية
ولا وفى لك قلبي وهو يحترق
إذا أراد الحاج الخروج من مكة المكرمة إلى بلده لا يخرج حتى يطوف طواف الوداع لقول النبي : ( لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت ) . [ متفق عليه]
ومن أخر طواف الإفاضة فأداه عند سفره أجزأه عن طواف الوداع, ويسقط طواف الوداع عن المرأة الحائض و النفساء فتسافران بلا وداع.
زادت هموم القلب و التياعي
لما أتى الطواف للوداع
إلى اللقاء يا أطهر البقاع
يا سلوتي يا غاية الإمتاع
يا خالقي يا من يجيب الداعي
أرجوك فاقبل صالح المساعي
من مخالفات الحج
1- بعض الناس قد يسافر جواً معتمرا ً أو حاجاً فيتهاون في الإحرام عند مروره على الميقات ، بل بعضهم يؤخر الإحرام إلى أن ينزل إلى المطار ، و كلاهما على خطأ . فإذا تجاوز من أراد الحج أو العمرة الميقات و لم يرجع إليه و أحرم من مكانه فعليه فدية يذبحها في مكة و يطعمها كلها للفقراء .
2- مما يتعلق بأمر النساء أن بعض النساء إذا مرت بالميقات تريد الحج أو العمرة ، و كانت حائضاً ، فإنها لا تحرم ظناً منها أن الإحرام تشترط له الطهارة ، فتتجاوز الميقات بدون إحرام ، و هذا خطأ واضح ؛ لأن الحيض لا يمنع الإحرام ، فالحائض تحرم وتفعل كما يفعل الحاج غير الطواف بالبيت ، فإنها تؤخره إلى أن تطهر . ( يجوز للمرأة أن تأخذ حبوب تأخير الدورة و لكن الأفضل استشارة الطبيب ).
3- أيضاً ما يعتقده بعض الحجاج و المعتمرين من أن لباس الإحرام الذي لبسه عند الميقات لا يجوز تغييره و لو اتسخ . و هذا خطأ ؛ بل يجوز أن يغير ملابس الإحرام بمثلها ، و أن يستحم متى أراد بالماء فقط أو مع صابون
غير معطر ، و أن يغير حذاءه بحذاء آخر ، و لا يتجنب إلا محظورات الإحرام المعروفة .
4- أيضاً بعض الرجال إذا أحرموا كشفوا أكتافهم على هيئة الاضطباع ، و هذا غير مشروع إلا في حالة طواف القدوم أو ا لعمرة ، و ما عدا ذلك تكون الكتف مستورة بالرداء في كل الحالات .
5- و من المخالفات ما يفعله بعض الطائفين من كونهم يعتقدون أن ركعتي الطواف لابد أن تكون قريباً من المقام ، فيزدحمون على ذلك ، ويؤذون الطائفين في أيام المواسم ، ويعوقون سير طوافهم ، وهذا الظن خطأ ؛ فالركعتان بعد الطواف تجزئان في أي مكان في المسجد .
6- و مما يتعلق بالنساء ما يقوم به بعضهن من المزاحمة عند الحجر الأسود ، فتزاحم الرجال بجسمها ، فيلتصق بها بعض الرجال ، و هنا مكمن الشر و الفتنة ، فترتكب المحرم و تتسبب في فتنة الآخرين في تحصيل أمر مسنون ، بل تتركه في حقها و الحال كما تقدم واجب ، و درء المفاسد مقدم على جلب المصالح .
7- و من المخالفات المتعلقة بمزدلفة : ما يحصل من بعض الحجاج من كونهم يشتغلون بلقط حصى الجمار ،
و ترك المبادرة إلى صلاة المغرب و العشاء ، و هذا غلط لا أصل له ، و أن النبي لم يأمر أن يلتقط له الحصى إلا بعد انصرافه من المشعر إلى منى ، و من أي موضع لقط الحصى أجزأه ذلك ، ولا يتعين لقطه من مزدلفة بل يجوز لقطه من منى .
8- كذلك ما يحصل من بعض الحجاج من رميهم الجمار بشدة و عنف و صراخ و سب و شتم لهذه الشياطين على زعمهم ، فهم يتوقعون أنهم يرمون الشياطين فعلاً ، و هذا غير صحيح . و إنما هو امتثال و اتباع لسنة إبراهيم - عليه السلام - .
زيارة المسجد النبوي
أتيتك ماشياً وودت أني
ملكت سواد عينين امتطيته
و ما لي لا أسير على المآقي
إلى بلد رسول الله فيه
زيارة المسجد النبوي سنة ثابتة ، و إذا أحب الحاج أن يزور المسجد النبوي قبل الحج أو بعده فإنه ينوي زيارة المسجد لا زيارة القبر ، فإن شد الرحال على وجه التعبد لا يكون لزيارة القبور ، و إنما يكون للمساجد الثلاثة كما قال :" لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، و مسجدي هذا ، و المسجد الأقصى ".[متفق عليه]
و أخبر أن الصلاة في مسجده أفضل من ألف صلاة في ما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام . [ الحديث متفق عليه]
و لكن من الخطأ اعتقاد بعض الناس أن زيارة المسجد النبوي من مكملات الحج و مستلزماته ، و أن الحج لا يتم إلا بها ، و هذا غير صحيح .
و الأحاديث التي رويت في وجوب زيارة قبر الرسول بعد الحج أحاديث غير صحيحة ، مثل :" من حج و لم يزرني فقد جفاني" فهو موضوع . (انظر كشف الخفاء 2/338)
و لا شك أن زيارة قبره مما يقرب به إلى الله تعالى و يفرح به المرء ، و تبتهج به النفس ، و تخشع له الجوارح .
فإذا وصل الزائر إلى مسجد رسول الله فيقدم رجله اليمنى و يدخل و يقول عند دخوله :" باسم الله ، و الصلاة و السلام على رسول الله ، اللهم اغفر لي ذنوبي ، و افتح لي أبواب رحمتك ، أعوذ بالله العظيم ، و بوجهه الكريم ، و سلطانه القديم ، من الشيطان الرجيم " ، ثم يصلي في الروضة ، و هي كما بين منبر النبي و حجرته التي فيها قبره ؛ لأن ما بينهما روضة من رياض الجنة .
فإذا صلى وأراد زيارة قبر النبي فليقف أمامه بأدب ووقار ، وليقل :" السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته " لما في سنن أبي داود بإسناد حسن عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال : قال رسول الله :" ما من أحد يُسلِّم عليّ إلا رد الله عليّ روحي حتى أرد عليه السلام " ، وان قال الزائر في سلامه :" السلام عليك يا نبي الله ، السلام عليك يا خيرة الله من خلقه ، السلام عليك يا سيد المرسلين وإمام المتقين ، اشهد انك قد بلغت الرسالة ، وأديت الأمانة ، ونصحت الأمة ، وجاهدت في الله حق جهاده " ، فلا باس بذلك لان هذا كله من أوصافه
ويصلي عليه ويدعو له لما قد تقرر في الشريعة من شرعية الجمع بين الصلاة والسلام عليه عملا بقوله تعالى :يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما.]الأحزاب : 56[
وكان ابن عمر –رضي الله عنهما- إذا سلم على الرسول وصاحبيه لا يزيد غالبا على قوله : السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك يا أبا بكر ، السلام عليك يا أبتاه ، ثم ينصرف .
تعجب الخلق من دمعي ومن ألمي
وما دروا أن حبي صغته بدمي
منحت حبي خير الناس قاطبة
برغم من انفه لازال في الرغم
يكفيك عن كل مدح مدح خالقه
واقرأ بربك مبدا سورة القلم
شهم تشيد به الدنيا برمتها
على المنائر من عرب ومن عجم
ثم يأخذ ذات اليمين قليلا ، فيسلم على أبي بكر الصديق ويترضى عنه ، ثم يأخذ ذات اليمين قليلا فيسلم على عمر بن الخطاب ويترضى عنه ، وان دعا لهما بدعاء مناسب فحسن ، ولا يجوز لأحد أن يتقرب إلى الله بمسح
الحجرة النبوية أو الطواف بها، ولا يستقبلها حال الدعاء بل يستقبل القبلة ، ومن الأخطاء العظيمة رفع الأصوات عند قبره بالأدعية ظنا أن الدعاء عند قبره مزية ، وهذا خطا، لأنه لا يشرع الدعاء عند القبور ، ورفع الصوت عنده من الأخطاء التي نهى الله عنها ؛ ومن أراد أن يدعو الله تعالى فليستقبل القبلة ويدعو في المسجد لا عند القبر ، لان قبلة الدعاء هي الكعبة المشرفة .
ويُستحب لمن أتى المدينة أن يزور مقبرة البقيع ، ويدعو لهم بالدعاء المأثور لمن زار المقابر :" السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، وإنَّا إن شاء الله بكم لاحقون ، يرحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين ، نسأل الله لنا ولكم العافية ، اللهم لا تحرمنا أجرهم ، ولاتفتنا بعدهم ، واغفر لنا ولهم" . ]رواه مسلم[
وان احب أن يزور أُحُدا ليتذكر ما جرى للنبي وأصحابه في تلك الغزوة ، ثم يسلم على الشهداء مثل حمزة بن عبد المطلب عم النبي فلا باس بذلك .
ومما يزار في المدينة مسجد قباء لقوله :" من تطهّر في بيته ، ثم أتى مسجد قباء لا يريد إلا الصلاة كان له اجر عمرة تامة ". ] صحيح ابن ماجه للألباني : 1160 [
نصائح وتوجيهات عامة
احذر الرياء والشرك فهذا البيت منذ اللحظة الأولى لبنائه إنما أقيم على قاعدة التوحيد ، والغرض من إقامته هو عبادة الله تعالى وحده ، وإخلاص العمل له ، وقد أمر الله تعالى إبراهيم –عليه السلام- بتطهيره للطائفين والقائمين والركع السجود ، ليعبدوا الله تعالى وحده ولا يشركوا به شيئا : وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود.]الحج :26 [ ، وإبراهيم – عليه السلام- قد عُرِف في التاريخ بأنه رمز التوحيد ، وعدو الشرك ، ومحطم الأوثان ، وأبو الملة الحنيفية : ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين.] آل عمران : 67[
ولذلك فالحاج منذ اللحظة الأولى لدخوله في هذا النسك يعلن توحيده الخالص لله تعالى في أول كلمة يتلفظ بها :" لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، أن الحمد ، والنعمة ، لك والملك ، لا شريك لك ".
وقال :"إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم لا ريب
فيه نادى مناد : من كان أشرك في عمل عمله لله عز وجل ، فليطلب ثوابه من عند غير الله عز وجل ، فان الله أغنى الشركاء عن الشرك ".]رواه أحمد 3/66[
قال تعالى: قل أن صلاتي و نسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أُمرت وأنا أول المسلمين .]الأنعام : 162-163[
والمؤمن لا يتجه إلا إلى الله وحده ، فلا يجوز له أن يرائي أحدا ، أو يدعو أحدا من دون الله ، لا الأحياء ولا الأموات ، ولا يجوز له التبرك بالمقابر ، ولا التمسح بأضرحة الأولياء ، ولا دعاؤهم من دون الله ، ولا الذبح لغير الله ، ولا يصرف أي عمل من أعماله الظاهرة والباطنة إلا لله وحده ، قال تعالى: ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون.]الأنعام :88[
احذر من ضيق الخلق ، وسوء التعامل ، ومجالسة اللاهين .
الحجاج ضيوف الله ، فاحرص على حبهم وإكرامهم ليكرم الله نزلك .
احذر التهاون في مسائل الحج و، وإذا أشكل عليك أمر فاسأل من تتوسم فيه العلم والفضل ، واعلم أن
الدولة قد هيأت كبائن للإفتاء في كل مكان من البلد الحرام .
لا تنس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالتي هي أحسن ، وإسداء النصيحة لإخوانك .
لا تنس كثرة الذكر والدعاء ، فان الدعاء هو العبادة ، وان الذكر هو لب الدين وروح الإسلام ، وبه تُذكر في الملأ الأعلىفاذكروني أذكركم ، وقال : يقول تعالى :" أنا عند حسن ظن عبدي بي وأنا معه حيث ذكرني ، فان ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وان ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم " ، وقال تعالى: يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا ، وما أقيمت هذه الشعائر إلا لذكر الله ، وعن الدعاء يقول تعالى: وقال ربكم ادعوني استجب لكم . وقال تعالى: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون.]البقرة :186[ .وان أمة الإسلام اليوم في أمس الحاجة إلى الدعاء والرجاء والانطراح لرب الأرض والسماء ، ليفرج الله كربها ، ويكشف همها ، ويعيد عزمها ، ويجمع كلمتها ، وينصرها على من ظلمها .
هذه البلاد هي بلاد الحرمين ، وقبلة المسلمين ، في عزها ورفعتها رفعة للإسلام والمسلمين ، فلا تنسها من دعائك .. ادع الله لها ولولاة أمورها ولجميع بلاد المسلمين .
احذر من ذبح نسكك في غير الأماكن النظامية المخصصة لذلك ، لتضمن سلامتها وبعدها عن الأمراض ، ولكي لا تتسبب في تلوث البيئة .
احذر من الإلقاء بنفسك أو بمن معك إلى التهلكة وخاصة النساء ، فلا تزج بنفسك في الزحام الشديد ، ولاترم وقت الذروة ، وكذلك الطواف والسعي وغيرها ، بالإمكان تأخيرها حتى يهدا الزحام ، فما جعل الله عليك في الدين من حرج .
حاول أن تصحب معك بعض الأدوية العامة التي قد تحتاج إليها ، ومنها :
أ- خافض للحرارة ومسكن للألم والصداع .
ب- مضاد للسعال وطارد للبلغم .
ج- بعض الكريمات والمرطبات كالبودرة وغيرها وذلك لاستخدامها عند حدوث تسلخات في الجلد .
د- مواد التنظيف الضرورية لجسمك .
أكثر من شرب المياه والسوائل المختلفة .
احذر من التعرض للشمس الحارقة أو البرد .
احذر من الأكل إلا بعد التأكد من نظافته وسلامته .
احذر من إهمال حوائجك الشخصية من نقود وبطاقات وغيرها .
احذر من النوم في الطرقات وافتراش الأرصفة .
احذر من رمي النفايات والقمائم في غير أماكنها المخصصة لذلك ، واحترم هيبة المكان والزمان .
أدعية مأثورة
الله جل جلاله أُنْسُ المؤمن ، وسلوة الطائع ، وحبيب العابد ، والأنس به ثمرة المعرفة ، ونتيجة المحبة ، ودليل الولاية ، وبرهان العناية ، ومؤهل الرعاية .
إذا كان للناس أنس بما
ينالونه من متاع الحياه
فان سروري وأنسي بمن
هداني وسيّرني في رضاه
أسلّي فؤادي بآلائه
ولا أنحني لعظيمٍ سواه
إذا امتلأ القلب بجلاله تحلو الحياة ، وتعذب الدنيا ، وتستنير البصيرة وتنكشف الهموم ، وتهاجر الغموم ، ومن أَنس بالله أنس بالحياة ، وسعد بالوجود ، وتلذذ بالأيام ، قلبه مطمئن ، وفؤاده مستنير ، وصدره منشرح ، نُقشت محبة الله في قلبه ، وسكنت صفات الله في ضميره ، ومثلت أسماء الله أمام عينيه ، فهو يحفظ أسماءه ، ويتأمل صفاته ، ويستحضر في قلبه الرحمن ، الرحيم ، الجميل ، الحليم ، البر ، اللطيف ، المحسن ، الودود ، الكريم ، العظيم .. إلى غير ذلك من صفات الجلال وأسماء الكمال ،
فتثير أنسا بالباري ، وحبا للعظيم ، وقربا من العليم .
أن الشعور بقرب الله من عبده يوجب الأنس به ، والسرور بعنايته ، والفرح برعايته ، وإذا سالك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان .
الله تعالى غفور رحيم ، جواد كريم ، من تقرّب إليه شبرا تقرب إليه ذراعا ، ومن تقرب إليه ذراعا تقرب إليه باعا ، ومن أتاه يمشي أتاه هرولة ، فالباب مفتوح ، والمجال مفسوح ، والحبل ممدود ، والخير مبذول ، فأين الباحثون عن الأرباح ، وأين خُطَّاب الملاح ، أين عشاق العرائس ، وطلاب النفائس ؟!.
إليه وإلا لاتشد الركائبُ
ومنه وإلا فالمؤمل خائبُ
وفيه وإلا فالغرام مضيَّعٌ
وعنه وإلا فالمحدث كاذب
أن الدعاء ملاك الأمر، وروح العبادة، ومرضاة الرحمن، وملاذ الإنسان، ولبُّ الدين، وجوهر الإيمان.
سئل : أقريب ربنا فنناجيه ، أم بعيد فنناديه ، فسكت النبي فانزل الله تعالى: وإذا سألك عبادي
عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون .
وعن أبو موسى الأشعري –رضي الله عنه- قال : كنا مع النبي في سفر ، فكنا إذا أشرفنا على واد هللنا وكبّرنا وارتفعت أصواتنا ، فقال النبي :" يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ، انه معكم ، انه سميع قريب " . ]رواه البخاري :11/159[
أمر الله تعالى به ووعدنا بالإجابة عليه ادعوني استجب لكم ، وفي الحديث يقول تعالى :" يا ابن آدم واحدة لك وواحدة لي وواحدة بيني وبينك ، فأما التي لي فتعبدني ولا تشرك بي شيئا ، وأما التي لك فما عملت من شيء أو من عمل وفيتكه ، وأما التي بيني وبينك فمنك الدعاء وعليّ الإجابة ". ] مسند البراز :19 [
وهذه جملة من الأدعية الجامعة المقتبسة من القران الكريم ، والسنة المطهرة ، ومن كلام أئمة المسلمين وعلمائهم ، فان افضل الدعاء والذكر ما كان مأخوذا من كلام ربنا تبارك وتعالى ، ومن سنة نبينا
اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ، كما تحب ربنا وترضى ، حمدا لا ينقطع ولا يبيد ولا يفنى ، ملء سمواتك ، وملء أرضك ، وملء ما بينهما ، ملء ما شئت من شيء بعد ، عدد ما حمدك الحامدون ، وعدد ماغفل عن ذكرك الغافلون ، والصلاة والسلام على عبدك ورسولك محمد خاتم أنبيائك ورسلك ، وخيرتك من خلقك ، و أمينك على وحيك ، وعلى اله وصحبه أجمعين .
اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد أنت الحق ، ووعدك حق ، وقولك حق ، والنار حق ، والساعة حق ، والنبيون حق ، ومحمد حق.
اللهم لك أسلمت ، وعليك توكلت ، وبك آمنت ، واليك انبت ، وبك خاصمت ، واليك حاكمت ، فاغفر لي ماقدمت وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت ، أنت المقدم وأنت المؤخر ، لا إله إلا أنت ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
اللهم آت نفسي تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها ، أنت وليها ومولاها .
اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ، ومن قلب لا يخشع ، ومن نفس لا تشبع ، ومن دعوة لا يستجاب لها .
اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار ، ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين .
اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب.
اللهم لا تؤاخذنا أن نسينا أو أخطانا ، ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا ، ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به ، واعف عنا ، واغفر لنا ، وارحمنا ، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين .
ربِّ اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء ، ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب .
ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ، واجعلنا للمتقين إماما .
ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة انك لا تخلف الميعاد .
اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
اللهم اقسم لي من خشيتك ما تحول به بيني وبين معصيتك ، ومن طاعتك ما تبلغني به جنتك ، ومن اليقين ما تهوِّن به عليّ مصائب الدنيا ، ومتعني بسمعي وبصري وقوتي أبدا ما أبقيتني ، واجعله الوارث مني ، واجعل ثأري على من ظلمني ، وانصرني على من عاداني ، ولا تجعل الدنيا اكبر همي ، ولا مبلغ علمي ، ولا إلى النار مصيري ، واجعل الجنة هي داري ، ولا تسلط علي بذنوبي من لا يخافك ولا يرحمني ، برحمتك يا أرحم الراحمين .
اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني ، أنت الحي الذي لا يموت ، والجن والإنس يموتون .
اللهم اصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري ، واصلح لي دنياي التي فيها معاشي ، واصلح لي آخرتي التي إليها معادي ، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير ، واجعل الموت راحة لي من شر .
اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة ، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ، اللهم استر عوراتي ، وآمن روعاتي .
اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي ، وعن يميني وعن شمالي ، ومن فوقي ، وأعوذ بعظمتك أن اغتال من تحتي .
اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك .
اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك ، وتحول عافيتك ، ومن فجاءة نقمتك ، ومن جميع سخطك .
اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عني .
اللهم إني أسألك من خير ما سالك منه عبدك ونبيك محمد ، وأعوذ بك من شر ما استعاذك منه عبدك ونبيك محمد .
اللهم جنبني منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء والأدواء .
اللهم اغفر لي ذنوبي جميعا واهدني لأحسن الأخلاق ، لأهدي لأحسنها إلا أنت ، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت .
اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة ، وأسألك كلمة الحق في الغضب والرضا ، وأسألك القصد في الفقر والغنى ، وأسألك نعيما لاينفد ، وقرة عين لا
تنقطع ، وأسألك الرضا بعد القضاء ، وبرد العيش بعد الموت ، ولذة النظر إلى وجهك الكريم ، والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ، ولافتنة مضلة .
اللهم انقلني من ذل المعصية إلى عز الطاعة ، واغنني بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، يا حي يا قيوم ، ياذا الجلال والإكرام .
اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، ومن العجز والكسل ، ومن الجبن والبخل ، ومن المأثم والمغرم ، ومن غلبة الدين وقهر الرجال .
اللهم إني أعوذ بك من البرص والجنون والجذام ، ومن سيئ الأسقام .
اللهم رب السماوات والأرض ورب العرش العظيم ، ربنا ورب كل شيء ، فالق الحب والنوى ، منزل التوراة والإنجيل والفرقان ، أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت اخذ بناصيته .
اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ،
وأنت الباطن فليس دونك شيء. اقض عني الدين واغنني من الفقر .
اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي ، فاغفر لي فانه لا يغفر الذنوب إلا أنت .
اللهم إني أسألك فعل الخيرات ، وترك المنكرات ، وحب المساكين ، وان تغفر لي وترحمني ، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضي إليك غير مفتون .
اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء ، ودرك الشقاء ، وسوء القضاء ، وشماتة الأعداء.
اللهم يا مقلب القلوب ثبِّت قلبي على دينك ، اللهم يا مصرف القلوب والأبصار صرِّف قلبي على طاعتك .
اللهم إني عبدك ، وابن عبدك ، وابن أمتك ، ناصيتي بيدك ، ماضٍ فيَّ حكمك ، عدلٌ فيَّ قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحدا من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أن تجعل القران
العظيم ربيع قلبي ، ونور صدري ، وجلاء حزني ، وذهاب همي .
اللهم علمني منه ما جهلت ، وذكرني منه ما نسيت ، ورزقني تلاوته إناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عني برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ،اللهم إني أعوذ بك من المأثم و المغرم.
اللهم إني أسألك أن تبارك لي في نفسي ، وفي سمعي وبصري،وفي روحي ، وفي خلقي، وفي خُلقي ، وفي أهلي ، وفي محياي ، وفي مماتي ، وفي عملي ، وأسألك الدرجات العلا من الجنة.
اللهم احفظني بالإسلام قائما، واحفظني بالإسلام قاعدا، واحفظني بالإسلام راقدا،ولا تشمت بي عدوا ولا حاسدا.
اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب. اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد.
اللهم تقبل توبتي، واغسل حوبتي، وأجب دعوتي ، وثبت حجتي ، واهد قلبي ، وسدد لساني، اسلل سخيمة صدري ، يا أرحم الراحمين . لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
اللهم عليك توكلنا ، وإليك أنبنا ، إليك المصير ،ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أتن العزيز الحكيم.
الخـــــــاتمـــة
و في الختام : أخي المسلم … أختي المسلمة .. أنصح لنفسي و لك و لجميع المسلمين بالمبادرة إلى التوبة النصوح فإن كل ابن آدم خطاء ، و خير الخطائين التوابون ، قال تعالى : يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً [التحريم:8] وهو يحب التوابين و يحب المتطهرين و محمد وهو المغفور له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر يقول :" يا أيها الناس توبوا إلى الله و استغفروه ، فغني أتوب في اليوم مائة مرة"[أخرجه أحمد و مسلم] . و اعلم أن الله تعالى " يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار و يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل"[أخرجه أحمد و مسلم] ، و هو الذي ينادي عباده قائلاً : قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً ، وهو تعالى يفرح بتوبتك إذا تبت إليه .. فبادر بالتوبة ، و اقبل على ربك ، و توجه إليه و أنت في حرمه و بجوار بيته ، فاسأل ربك أن يعفو عنك ، و أن يقبل حجك ، و أن يتوب عليك .. إنه هو التواب الرحيم .
يا إلهي و من إليه اتجاهي
يا ربيع الأفكار الذكريات
يا ملاذاً تهفو البرايا إليه
و المرجى لفك أسر العناة
يا أنيسي و عدتي و اعتمادي
و ملاذي في ظلمة النائبات
و سروري و بهجتي و رجائي
و ضيائي في مدلج الحالكات
امح عنا صحائفاً من ذنوب
و اعف عنا يا غافر السيئات
نسأل الله تعالى أن يعيدك بحج مقبول ، و عمل صالح مبرور ، وسعي مشكور ، و ذنب مغفور ، كما نسأله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان ، و أن يحفظهم من كل سوء ، و أن يوفق ولاة أمورهم جميعاً لكل خير و فلاح ، و فوز و صلاح ، و أن يجمع كلمتهم على الحق و الخير و الهدى ، و أن يبارك في هذه البلاد ، ويديم عليها أمنها و أمانها ، و أن يوفق ولاة أمورها و يجزيهم خير الجزاء على ما يبذلونه لخدمة الدين و رعاية المسلمين ، وحسن ضيافة القاصدين ، و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ...
تأليف الدكتور
ناصر بن مسفر الزهراني
مكة المكرمة – ص.ب (5407)
فاكس (556489) – محمول (055622148)
ـ الفهرس ـ
الإهداء 3
أهلاً بك في مهبط الوحي 4
الحج المبرور 6
فضائل مكة المكرمة 8
من آيات الحج 15
من أحاديث الحج 15
روح الحج 17
أعظم من حج البيت 22
صفة الحج و العمرة 25
أولاً : الإحرام 25
أ ـ معنى الإحرام 25
ب ـ مكان الإحرام 25
جـ ـ وقت الإحرام بالحج 25
د ـ الأشياء التي يفعلها الحاج قبل الإحرام 25
هـ ـ أنواع النسك 27
1/ التمتع 27
2/ القران 27
3/ الإفراد 27
و ـ ما يقال عند الإحرام و بعده 28
ثانيا : ما يفعله الحاج عند وصوله مكة 29
1ـ ما يفعله المتمتع 29
2ـ ما يفعله القارن و المفرد 33
أعمال الحج و صفته 34
1ـ أعمال يوم التروية 34
2ـ الوقوف بعرفة و ما يفعل في هذا اليوم 35
مشاهد من عرفة 38
أ ـ حسن الخاتمة 38
ب ـ إكمال الدين 39
3ـ المبيت بمزدلفة 40
4ـ أعمال الحج في يوم العيد 41
أ ـ الرمي 41
ب ـ الهدي 42
جـ ـ الحلق أو التقصير 42
د ـ الطواف و السعي 42
تنبيهات لأعمال يوم العيد 43
موقف مع الحلاق 44
5ـ أعمال أيام التشريق 45
6ـ صفة رمي الجمار 46
7ـ طواف الوداع 48
من مخالفات الحج 49
زيارة المسجد النبوي 52
نصائح وتوجيهات عامة 56
أدعية مأثورة 61
الخاتمة 72
الفهرس 74
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق